رئيس الوزراء السوداني كامل إدريس... أستاذ قانون ومرشح سابق للرئاسة

11 hours ago 1
ARTICLE AD BOX

أصدر القائد العام للجيش ورئيس مجلس السيادة في السودان، عبد الفتاح البرهان، مرسوماً يقضي بتعيين الخبير بالمنظمات الدولية وأستاذ القانون، كامل إدريس رئيساً للوزراء. ويأتي تعيين إدريس وسط حرب متواصلة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، ومن المنتظر أن يعمل رئيس الوزراء الجديد على حل الحكومة الحالية وتعيين حكومة جديدة، وفق ما نصّت عليه "الوثيقة الدستورية" التي تحكم البلاد منذ 2019. وتقرر إلغاء تكليف السفير، دفع الله الحاج علي، بتسيير مهام رئيس الوزراء، والذي اختير للمنصب في إبريل/نيسان الماضي. كما أصدر البرهان قراراً آخر بتعيين عضوين جديدين بمجلس السيادة، هما سلمى عبد الجبار المبارك، ونوارة أبو محمد طاهر.

ويشهد السودان، منذ 15 إبريل/نيسان 2023، صراعاً عسكرياً بين الجيش السوداني بقيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع التي يقودها محمد حمدان دقلو (حميدتي). ويخضع كلاهما لعقوبات بسبب الحرب، فرضتها الولايات المتحدة في يناير/كانون الثاني الماضي، وقد خلّفت الحرب دماراً هائلاً في المدن والقرى والبنية التحتية للبلاد.

وفي 30 إبريل الماضي، أصدر قائد الجيش السوداني، عبد الفتاح البرهان، قراراً بتكليف السفير، دفع الله الحاج علي، وزيراً لشؤون مجلس الوزراء ومكلّفاً بتسيير مهام رئاسة الوزراء في البلاد، قبل أن يتقرر إلغاء تكليفه اليوم وتعيين كامل إدريس في المنصب.

وشغل كامل الطيب إدريس عبد الحفيظ، المولود بمدينة أم درمان في 1954، في الماضي منصب رئيس منظمة الملكية الفكرية بالأمم المتحدة من 1997 إلى 2008، وكان أميناً عاماً للاتحاد الدولي لحماية الأصناف النباتية الجديدة (أوبوف)، كما كان عضواً بلجنة القانون الدولي التابعة للأمم المتحدة. وسنة 1982، عمل إدريس عضواً في السلك الدبلوماسي السوداني برتبة سفير.

وحصل إدريس على بكالوريوس فلسفة من جامعة القاهرة، وليسانس حقوق من جامعة الخرطوم، ودبلوم إدارة عامة من معهد الإدارة العامة في الخرطوم، كما حصل على ماجستير في الشؤون الدولية من جامعة أوهايو في الولايات المتحدة الأميركية، وهو حاصل على دكتوراه في القانون الدولي من المعهد العالي للدراسات الدولية بجامعة جنيف.

وكان أبرز ظهور لكامل إدريس في الساحة السياسية السودانية خلال ترشحه بصفته مستقلاً لمنصب رئيس الجمهورية في انتخابات العام 2010، وكانت تلك الانتخابات ذات أهمية خاصة في البلاد، لأنها الأولى من نوعها التي تُجرى على أساس التعدد الحزبي منذ عام 1986.

وبعد انقلاب 25 أكتوبر 2021 ضد حكومة رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، راجت أنباء عن اختياره رئيساً للوزراء خلفاً لحمدوك، لكن صفحته على موقع "فيسبوك" نفت في بيان مقتضب تلك الأخبار. وأضاف البيان: "نؤكد أن كامل إدريس لم يلتقِ بالبرهان، ولم يوافق على منصب رئيس الوزراء، بل يطالب بإطلاق سراح كافة المعتقلين فوراً، ووقف الهجوم على المتظاهرين أو إطلاق الرصاص عليهم".

وقد وجد قرار تعيين كامل إدريس رئيساً للوزراء ترحيباً ورفضاً على حد سواء، إذ رأى البعض أهمية وجود رئيس للوزراء بخبرة دولية في هذا التوقيت، الذي تخوض فيه البلاد حرباً مع قوات الدعم السريع، بدعم من أطراف دولية. فيما اعتبر آخرون أن الأولوية حالياً لوقف الحرب، ومعالجة المشاكل الناتجة عنها، ثم إيجاد توافق سياسي قبل تشكيل أي حكومة تزيد من الصراع السياسي، خصوصاً في ظل اعتزام قوات الدعم السريع وحلفائها السياسيين إعلان حكومة موازية من جانبهم في مناطق سيطرة الدعم السريع داخل السودان.

وفي هذا الصدد، قال عضو المكتب التنفيذي للتيار الوطني (تنظيم سياسي)، نور الدين صلاح الدين، لـ"العربي الجديد"، إنه "في ظل الانهيار المؤسسي، والتشظي الجغرافي، وانعدام الحد الأدنى من التوافق الوطني، لا يمكن لأي شخصية، بغض النظر عن كفاءتها أو مكانتها الدولية، أن تنجح في قيادة حكومة فاعلة"، مضيفاً: "من وجهة نظري، فإن الفاعلية تعتمد على عوامل عدة، أهمها التوافق السياسي، والرضا الشعبي، والمقبولية الدولية".

الأجدى حالياً هو دعم حوار سوداني - سوداني حقيقي، وتهيئة المناخ لذلك

وذكر صلاح الدين أن الأجدى حالياً هو دعم حوار سوداني - سوداني حقيقي، وتهيئة المناخ لذلك، والوفاء بتعهد البرهان في 4 يوليو 2022 بخروج القوات المسلحة من الشأن السياسي، والتزامها بواجباتها الدستورية. وأضاف: "لا أعتقد أن كامل إدريس يملك عصاً سحرية، ولا أعتقد أن المناخ السياسي، ولا المؤسسات، ولا الأرضية الآمنة التي تمكّنه من إحداث فارق، متوفرة"، مشيراً إلى أن التركيز الآن يجب أن ينصب على إنهاء الحرب، وتهيئة بيئة آمنة لعملية سياسية سودانية شاملة، لا على هندسة سلطة انتقالية من طرف واحد، "ستكون تكراراً فاشلاً لتجارب سابقة".

جزء من خريطة الطريق

ورأى المحلل السياسي مجدي عبد القيوم، في حديثه لـ"العربي الجديد"، أن تعيين إدريس يبدو جزءاً من خريطة الطريق التي سبق أن قدمتها الحكومة للمنظمات الدولية والإقليمية، ومن ضمنها الأمم المتحدة، والتي لاقت قبولاً واستحساناً من الأمين العام للأمم المتحدة، وكذلك من مبعوثه الخاص إلى السودان رمطان لعمامرة. وأضاف عبد القيوم أن من المؤشرات الدالة على ذلك أن الدكتور كامل يُعد، إلى حد كبير، شخصية مقبولة لدى المجتمع الدولي بحكم منصبه السابق في هيئة الملكية الفكرية التابعة لليونسكو، ما يعزز حضوره في دوائر صنع القرار العالمية، إلى جانب كونه شخصية مستقلة، ويمكن وصفه بالتكنوقراطي بناءً على سيرته الذاتية، وهو ما يتوافق مع ما هو مطلوب على الصعيدين المحلي والدولي.

وأشار عبد القيوم من زاوية سياسية إلى أن تعيين رئيس وزراء مدني يتمتع بصلاحيات كاملة يُغلق أبواباً كثيرة ناقدة لانفراد العسكر بالسلطة، بما في ذلك موقف الاتحاد الأفريقي. واعتبر أنه إذا تمكن كامل إدريس من تشكيل حكومة مدنية ذات طابع تكنوقراطي، فإن ذلك سيكون مؤشراً على أن الأمور تمضي في الاتجاه الصحيح.

Read Entire Article