ARTICLE AD BOX
طلبت الحكومة الجزائرية، اليوم الأحد، من السلطات الفرنسية ترحيل جميع الموظفين الفرنسيين المعيّنين في البعثات الدبلوماسية والقنصلية والثقافية في الجزائر، ممن جرى تعيينهم خارج الأطر والإجراءات الرسمية المعتمدة، ودعت إلى عودتهم الفورية إلى بلدهم. ويأتي هذا القرار في سياق تصاعد الأزمة السياسية بين الجزائر وباريس، التي تشهد توتراً متزايداً منذ يوليو/ تموز 2024.
واستدعت وزارة الخارجية الجزائرية، اليوم الأحد، القائم بالأعمال الفرنسي لإبلاغه بطلب رسمي يقضي بترحيل عدد إضافي من الموظفين الدبلوماسيين الفرنسيين. ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية عن مصادر حكومية مطلعة أن "السلطات الجزائرية طالبت القائم بالأعمال في السفارة الفرنسية لدى الجزائر، خلال استقباله في مقر وزارة الشؤون الخارجية، بالترحيل الفوري لجميع الموظفين الفرنسيين الذين تم تعيينهم في ظروف مخالفة للإجراءات المعمول بها".
وأكد المصدر نفسه أن هذا الاستدعاء "يأتي في أعقاب تسجيل تجاوزات جسيمة ومتكررة من قبل الجانب الفرنسي، تمثّلت في الإخلال الصريح بالإجراءات المعمول بها والمتعارف عليها في تعيين الموظفين ضمن التمثيليات الدبلوماسية والقنصلية الفرنسية المعتمدة لدى الجزائر"، مضيفاً أن "المصالح المختصة رصدت، خلال الفترة الأخيرة، تعيين ما لا يقل عن 15 موظفاً فرنسياً لمباشرة مهام دبلوماسية أو قنصلية فوق التراب الجزائري، من دون استيفاء الإجراءات الواجبة، كالإبلاغ الرسمي المسبق أو طلب الاعتماد، كما تقتضيه الأعراف والاتفاقيات الدولية ذات الصلة".
وأوضح الجانب الجزائري أن الموظفين الفرنسيين المعنيين بالترحيل الفوري "كانوا في السابق يحملون جوازات سفر لمهام مؤقتة، وقد تم منحهم لاحقاً جوازات سفر دبلوماسية لتسهيل دخولهم إلى الجزائر". ولفت إلى أن "القائمة نفسها ضمّت موظفَين تابعَين لوزارة الداخلية الفرنسية، كان يُعتزم أن يؤدّيا جزءاً من مهام من تم إعلانهم مؤخراً أشخاصاً غير مرغوب فيهم"، في إشارة إلى عميلَين لجهاز المخابرات الفرنسية رفضت الجزائر دخولهما مؤخراً.
ووفق المصدر نفسه، فإن ما وصفته الجزائر بـ"الممارسات المخالفة" يأتي في وقت تشهد فيه العلاقات الثنائية عراقيل أخرى، تمثلت في "رفض متكرر لدخول حاملي جوازات السفر الدبلوماسية الجزائرية إلى الأراضي الفرنسية، وأيضاً في تعطيل مسار اعتماد قنصلين عامين جزائريين في باريس ومرسيليا، إلى جانب سبعة قناصل آخرين لا يزالون بانتظار استكمال إجراءات اعتمادهم منذ أكثر من خمسة أشهر".
ولم تُعلن الجزائر عدد الموظفين الفرنسيين المشمولين بالترحيل الفوري. ويأتي هذا القرار بعد أقل من شهر على قرار مماثل قضى بطرد 12 موظفاً أمنياً فرنسياً من العاملين في السفارة والقنصليات الفرنسية في الجزائر، رداً على اعتقال السلطات الفرنسية موظفاً قنصلياً جزائرياً في باريس يوم 8 إبريل/نيسان الماضي، بشبهة التورط في محاولة خطف ناشط جزائري مقيم في فرنسا. وفي المقابل، ردت باريس بقرار مماثل بطرد 12 موظفاً قنصلياً جزائرياً من الأراضي الفرنسية، بعضهم يتبع للأجهزة الأمنية الجزائرية، كما استدعت السفير الفرنسي لدى الجزائر ستيفان رومانيت للتشاور.
ويفاقم هذا التطور مظاهر الأزمة السياسية المستمرة بين الجزائر وباريس، التي تفجرت منذ يوليو/ تموز 2024، إثر تغيير باريس موقفها لصالح مبادرة الحكم الذاتي في قضية الصحراء. ورغم محاولات التهدئة التي تمثلت في اتصال هاتفي بين الرئيس عبد المجيد تبون ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون في 1 إبريل/ نيسان الماضي، وزيارة وزير الخارجية الفرنسي جان نويل بارو إلى الجزائر في 6 إبريل/ نيسان، التي أثمرت تفاهمات سياسية لاستئناف الاتصالات، إلا أن هذه الجهود لم تدم طويلاً. وفي الـ8 من الشهر نفسه، جاء قرار باريس اعتقال الموظف القنصلي الجزائري ليعيد الأزمة إلى نقطة الصفر، حيث اتهمت الجزائر وزير الداخلية الفرنسي برونو ريتايو بالمسؤولية عن إفشال التفاهمات.
