ARTICLE AD BOX

<p>تشير التوقعات إلى أن مدفوعات الفوائد الفيدرالية ستستحوذ على نحو 30 في المئة من الإيرادات بحلول عام 2035 (أ ف ب)</p>
تمكنت "وول ستريت" من إنهاء أول جلسة تداول لهذا الأسبوع عند اللون الأخضر بصعوبة وبارتفاع يكاد لا يذكر، بعدما تذبذبت طوال الجلسة على خلفية الخبر السيئ بخفض وكالة "موديز" التصنيف الائتماني للولايات المتحدة بدرجة واحدة، مع تغيير نظرتها من "مستقرة" إلى "سلبية".
ويرى محللون أنه ومع وصول الدين العام الأميركي إلى 36 تريليون دولار، بات حتمياً أن "الفاتورة" حان وقت سدادها، مما يجعل الرئيس ترمب الوريث غير المحظوظ لقنبلة دين جرى بناؤها وإشعال فتيلها من جانب أسلافه، وهذا يعني أن ترمب قد يكون مضطراً إلى التعامل مع مشكلات اقتصادية حذر منها رئيس مجلس الاحتياط الفيدرالي السابق آلان غرينسبان قبل عقدين، إضافة إلى مشكلات أخرى لم يتوقعها.
وسلطت وكالة التصنيف الائتماني "موديز" الضوء على المشكلة، عندما خفضت التصنيف الائتماني الأميركي، إذ كانت الولايات المتحدة تحتفظ بأعلى تصنيف لدى "موديز" منذ أن أصدرته للمرة الأولى في عام 1919.
تضييق الخناق على ترمب
وأكد المحللون أن ترمب قد لا يتمتع بحرية أسلافه في تجاهل المشكلة، فما تغير الآن هو أن الأسواق بدأت أخيراً في إرسال إشارات بأن العجز السنوي الأميركي بات كبيراً جداً، وأن الحكومة الأميركية تقترض أكثر مما ينبغي.
وأشار محللو "موديز" إلى تقاعس الإدارات الأميركية المتعاقبة والكونغرس لأكثر من عقد من الزمن لوقف اتجاه العجز المالي الكبير، إذ تضخمت كلف فوائد الدين الحكومي مع ارتفاع التضخم، ومن المتوقع أن تصل إلى تريليون دولار هذا العام، ارتفاعاً من 263 مليار دولار في عام 2017.
مناقشة حزمة ضرائب
وأضاف المحللون أن وضع الدين الأميركي سيزداد سوءاً، إذ يناقش المشرعون الجمهوريون حزمة ضرائب وإنفاق من الرئيس ترمب، التي يقول النقاد إنها ستضيف تريليونات أخرى إلى الدين الفيدرالي خلال العقد المقبل، إذ تشير التوقعات إلى أن مدفوعات الفوائد الفيدرالية ستستحوذ على نحو 30 في المئة من الإيرادات بحلول عام 2035، ارتفاعاً من نحو 18 في المئة في عام 2024 وتسعة في المئة في عام 2021.
وأنفقت الحكومة الفيدرالية 1.8 تريليون دولار أكثر مما تلقته في السنة المالية 2024 ليتجاوز العجز المالي تريليون دولار للعام الخامس على التوالي، كما أنه إذا لم يحدث تغيير في السياسة، فإن الدين العام سيتضاعف بحلول عام 2047، ووصفت "موديز" الوضع بأنه غير مستدام، ودعت إلى اتخاذ إجراءات حاسمة.
الوضع المالي
وترى البنوك الاستثمارية الكبرى أن الوضع المالي الأميركي ليس ميؤوساً منه، فقد ارتفع الدين الفيدرالي كنسبة من الناتج المحلي الإجمال من 40 في المئة في عام 1990 إلى نحو 100 في المئة حالياً. ومن المتوقع أن يستمر في الارتفاع، خصوصاً بسبب نمو الإنفاق الإلزامي على برامج مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، ويتوقع مكتب الموازنة في الكونغرس أن تصل هذه النسبة إلى 119 في المئة بحلول 2035 من دون أي مؤشرات على التباطؤ.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ويقول محللون من معهد مانهاتن إن الولايات المتحدة لا تحتاج إلى سداد الدين بالكامل، فخبراء الموازنة يقولون إن الدين يمكن إدارته إذا ثبت عند نحو 100 في المئة من الناتج المحلي، ومن ثم تقليله تدريجاً، وهناك عدد من الخطط المطروحة لتحقيق ذلك، فعلى سبيل المثال هناك مقترحات بتقليص مزايا التقاعد للأثرياء، ورفع بعض الضرائب، ووضع حدود للإنفاق.
إصلاحات مطلوبة
وأشاروا إلى أن أية خطة موثوقة يجب أن تشمل إصلاحات للضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، إلى جانب زيادات ضريبية، ويمكن تنفيذ هذه التغييرات تدريجاً لتقليل الآثار السلبية، وقد تكافئ الأسواق خطة واقعية لتثبيت الدين من خلال خفض أسعار الفائدة، مما يعود بالنفع على المقترضين.
وأكد المحللون أنه وبعد خفض "ستاندرد أند بورز" لتصنيف الولايات المتحدة في عام 2011، حدث أمر مفارق وهو تدفق الاستثمارات نحو سندات الخزانة الأميركية، في "هرب تقليدي نحو الأمان"، ومع زيادة الطلب على الدين الأميركي انخفضت أسعار الفائدة، مما ساعد الحكومة الأميركية في تقليل كلفة الاقتراض.
لكن الآن يحدث العكس، أدى خفض "موديز" إلى رفع أسعار الفائدة الأميركية، مما يعني أن المستثمرين يبيعون السندات بدلاً من شرائها، مما سيؤدي إلى رفع كلفة الاقتراض الأميركية، ويزيد من سوء الوضع المالي.
ظاهرة "بيع أميركا"
وأشاروا إلى أن ما يحدث في سوق السندات الأميركية ليس ظاهرة عابرة، بل امتداد لاتجاه "بيع أميركا" الذي ظهر في الأشهر الأخيرة، إذ بدأ المستثمرون العالميون يبيعون الأسهم والسندات الأميركية معاً.
ويأتي هذا في وقت يحضر فيه الجمهوريون الذين يسيطرون على الكونغرس لمشروع قانون ضريبي ضخم سيضيف تريليونات أخرى إلى الدين الوطني، مما يفاقم المشكلة التي حذرت منها "موديز".
لماذا القلق؟
ويشير أستاذ الاقتصاد في جامعة "هارفارد" جيسون فورمان إلى أن "ما يثير قلق ’موديز‘ هو ما سيفعله الجمهوريون الموحدون، وهم حالياً يعتزمون زيادة الدين"، ويضيف أنه لا توجد مؤشرات على أن ترمب أو الجمهوريين في الكونغرس يدركون ذلك، فمشروع قانون الضرائب الذي يعمل عليه المشرعون الجمهوريون قد يضيف ما بين 3 إلى 9 تريليونات دولار إلى الدين خلال عقد من الزمن.
متخصصون أضافوا أن المستثمرين تساءلوا لسنوات عن كيفية حدوث أزمة ديون فيدرالية أميركية، وهي ما يحدث حالياً، فهي لا تأتي كصدمة مفاجئة، بل كعملية بطيئة يفقد فيها المستثمرون ثقتهم في الأصول الأميركية ويبحثون عن بدائل. وأشاروا إلى أن أوضح مؤشر على ذلك هو سعر الفائدة على سندات الخزانة لأجل 10 سنوات، الذي ارتفع هذا العام في وقت كان من المفترض أن ينخفض فيما إذا تجاوزت هذه النسبة خمسة في المئة وهي تقترب حالياً من 4.5 في المئة، فقد يكون ذلك مؤشراً على أزمة حقيقية.
وأوضح محللون آخرون أن نهج الرئيس ترمب لا يبدو الأنسب لإخراج أميركا من حفرة الدين مع فرض الرسوم الجمركية، التي تهدد بتراجع النمو وارتفاع البطالة وزيادة التضخم، وكلها عوامل ستقلل من الإيرادات الضريبية وتزيد من العجز السنوي.