وفاة 10 آلاف عامل سنويا في إيران جراء غياب معايير السلامة

4 days ago 5
ARTICLE AD BOX

<p class="rteright">تظهر إحصائيات أن متوسط عدد وفيات العمال سنوياً في إيران يفوق بثلاثة أضعاف إجمالي الوفيات بين العمال في دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة (مواقع التواصل الاجتماعي)</p>

أعلن مساعد دائرة الصحة بوزارة الصحة والعلاج والتعليم الطبي في إيران علي رضا رئيسي أرقاماً صادمة تختلف، بصورة كبيرة، عن الإحصاءات السابقة، مؤكداً أن نحو 10 آلاف عامل في البلاد يفقدون حياتهم سنوياً بسبب حوادث العمل.

يأتي هذا في حين أن منظمة الطب الشرعي في إيران كانت قد أعلنت، في وقت سابق، أن نحو 2000 عامل فقط لقوا حتفهم أثناء أداء مهامهم خلال عام 2024، فيما دأبت تقارير سابقة صادرة عن وزارة العمل ومركز أبحاث البرلمان ومنظمة الطب الشرعي على حصر عدد الوفيات بين العمال سنوياً بأقل من 2000 حالة. لكن بحسب وكالة "إرنا" للأنباء، قال رئيسي إن "نحو 10 آلاف شخص في إيران يفقدون حياتهم سنوياً بسبب حوادث العمل"، مشدداً على ضرورة إعادة النظر في معايير الصحة البيئية والمهنية لضمان سلامة العمال وحمايتهم.

وتظهر هذه الإحصاءات أن متوسط عدد وفيات العمال سنوياً في إيران، بسبب انعدام معايير السلامة والمواصفات المهنية المناسبة، يفوق بثلاثة أضعاف إجمال الوفيات بين العمال في دول الاتحاد الأوروبي مجتمعة. ووفقاً للإحصاءات العالمية، فقد سجلت عام 2024 وفاة 3286 عاملاً بسبب حوادث العمل في الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، فيما لم يتجاوز هذا العدد في المملكة المتحدة 138 حالة فقط.

أضاف مساعد وزير الصحة الإيراني خلال ملتقى "التحول في سلامة العمل ودور الذكاء الاصطناعي والرقمنة في الصحة المهنية"، "هذا العدد من الوفيات ليس بالقليل، ويجب اتخاذ إجراءات فعالة في مجال الوقاية من الوفيات القابلة للتجنب، كذلك فإن هناك كثيراً من حالات الإعاقة التي تنتج من حوادث العمل في البلاد، وتظهر آثار بعض هذه الإصابات على المدى البعيد. على سبيل المثال، العاملون الذين يتعرضون لأبخرة الفحم أو بخار البنزين في محطات الوقود لا يصابون فوراً بمشكلات صحية، بل تظهر الأعراض بعد أعوام من التعرض المستمر"، كذلك أشار إلى النقص الحاد في الكوادر المتخصصة بمراقبة الصحة في القطاعات الصناعية وورش العمل والمهن المختلفة، موضحاً أن كثيراً من القوانين والمعايير المتعلقة بالصحة البيئية والمهنية في إيران تعود إلى فترات قديمة، وهي في حاجة إلى مراجعة وتحديث شاملين، وأكد رئيسي ضرورة الاستفادة من الأدوات والتقنيات الحديثة، وتكييف عمليات التقييم وفقاً لها، واعتماد المعايير العالمية المعاصرة.

لم تصدر وزارة التعاون والعمل والرفاه الاجتماعي في إيران، ولا منظمة الطب الشرعي، أي رد فعل، حتى الآن، على الأرقام التي أعلنها مساعد وزير الصحة، كذلك لم توضح أي من الجهتين سبب امتناعها، طوال الفترة الماضية، عن نشر الإحصاءات الحقيقية في هذا الخصوص.

ووصفت وكالة "إيلنا" الرسمية هذا التباين الكبير مع الإحصاءات الرسمية السابقة بأنه مثير للاستغراب، لكنها شددت، في الوقت نفسه على أن إحصاءات منظمة الطب الشرعي، على رغم كونها أدق من إحصاءات وزارة العمل ومنظمة الضمان الاجتماعي في شأن وفيات العمال، لا تعكس، بدورها، الحقيقة الكاملة لحوادث العمل. وأضافت الوكالة أن كثيراً من النشطاء العماليين يعتقدون أن الإحصاءات التي تنشرها منظمة الطب الشرعي لا تعكس، بدقة، حجم الكوارث في هذا المجال، وأن التعتيم على الأرقام الحقيقية كما في المجالات الأخرى، طاول أيضاً ملف حوادث العمل. والإفشاء الجديد الصادر عن مساعد وزير الصحة الإيراني يعني أن أكثر من 800 عامل يفقدون حياتهم شهرياً بسبب حوادث العمل في إيران، أي بمعدل يومي يراوح ما بين 26 و27 حالة وفاة في صفوف العمال نتيجة غياب معايير السلامة المهنية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وقال المتخصص القانوني والباحث في مجال حقوق العمال في إيران فرشاد إسماعيلي لوكالة "إيلنا" إنه و"منذ أعوام تقدم وزارة العمل إحصاءات تقتصر فقط على الورش الرسمية والعمال المشمولين بالتأمين. هرب أصحاب العمل والمقاولون من تسجيل الحوادث، وخوف العمال من الإبلاغ عنها، إلى جانب التوصل إلى تسويات بين أصحاب العمل وعائلات الضحايا، كلها عوامل أسهمت في جعل الإحصاءات الرسمية لحوادث العمل غير موثوقة. وزارة العمل تدرك جيداً أن الأرقام التي تعلنها تعكس فقط جزءاً من الواقع، يقتصر على العمال المتوفين والمؤمن عليهم فحسب"، وأضاف إسماعيلي أن من بين الأسباب الأخرى التي تجعل الأعداد الحقيقية للعمال المتوفين في إيران تختلف، بشكل ملحوظ، عن الإحصاءات الرسمية الصادرة عن المؤسسات الحكومية، هو أن سبب الوفاة يدون، في كثير من الحالات، في شهادة الوفاة بشكل مختلف سواء عن قصد أو عن غير قصد. وعلى سبيل المثال لا الحصر أنه بدلاً من تسجيل سبب الوفاة تحت مسمى "حادثة عمل"، تُستخدم تعبيرات مثل "إصابة في الرأس نتيجة جسم ثقيل"، حتى لا يسجل المتوفى ضمن قائمة العمال الذين لقوا حتفهم بسبب حوادث العمل.

وتكشف تصريحات مساعد وزير الصحة الإيراني الأخيرة عن وجود أزمة عميقة في مجال سلامة العمال داخل إيران، وتؤكد كيف أن مختلف المسؤولين في الحكومات الإيرانية المتعاقبة خلال العقود الماضية، لجأوا إلى التلاعب بالأرقام أو إخفاء الإحصاءات الحقيقية بشكل متعمد، بهدف التستر على أوجه القصور والفشل في إدارة الأزمات. هذا النهج لم يقتصر على حوادث العمل فحسب، بل شمل أيضاً مجالات أخرى مثل التضخم والنمو الاقتصادي والبطالة والفقر، إذ تُقدم أرقام غير واقعية للرأي العام لتجميل الواقع وتفادي تحمل المسؤولية.

في إيران، تحولت قضية السلامة والصحة المهنية للعمال إلى تحد خطر في ظل تجاهل الحكومات وضعف الرقابة وغياب الأولوية لحماية أرواح العمال. وقد أعرب النشطاء النقابيون، مراراً وفي أكثر من مناسبة، عن احتجاجهم على عدم تطبيق بنود قانون العمل، مشيرين إلى تخلف أصحاب العمل عن توفير بيئة عمل آمنة، وتقاعس الجهات المعنية مثل إدارة التفتيش العام ومؤسسة الضمان الاجتماعي في أداء مهامها الرقابية وحماية العمال. هذا الإهمال المزمن أدى إلى تعرض العمال لشتى أنواع الأخطار في أماكن عملهم، بخاصة في القطاعات العالية الخطورة، إذ يتسبب غياب الحد الأدنى من معايير السلامة في وقوع حوادث مميتة تهدد أرواحهم وصحتهم بشكل مباشر.

نقلاً عن "اندبندنت فارسية"

subtitle: 
تحولت الأزمة إلى تحد خطر في ظل تجاهل الحكومات المتعاقبة وضعف الرقابة وغياب الأولوية لحمايتهم
publication date: 
الجمعة, مايو 16, 2025 - 13:30
Read Entire Article