ARTICLE AD BOX
د. فالح الحمراني
ردت روسيا على مقترح الغرب واكرانيا بوقف إطلاق النار لمدة 30 يوما دون قيد أو شرط بمباردة الرئيس فلاديمير بوتين بالدخول في مفاوضات مباشرة مع كييف بشان التسوية الشاملة للنزاع. ثمة هاجس لا تخفيه موسكو وتعرب عنه مختلف الدوائر من ان الغرب بموافقته على اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ينصب كمينا للتحضير بمواصلة خططه الرامية الى الحاق هزيمة بروسيا، وهو لا يبالي في إيجاد تسوية فعلية ومقبولة من الطرفين، بل بمواصلة الحرب استنزافية خطرة العواقب.
وأشار المتحدث باسم الكرملين دمتري بيسكوف بانه من المستحيل إجراء مناقشة موضوعية لوقف إطلاق النار لمدة 30 يومًا في أوكرانيا دون الأخذ في الاعتبار التفاصيل الدقيقة. منوها بأن فكرة وقف إطلاق النار التي أثارها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب حظيت بدعم الرئيس بوتين، بشرط حل عدد من القضايا الدقيقة من أجل تنفيذ المبادرة. وقال: "نحن ممتنون للغاية للولايات المتحدة الأمريكية وللرئيس ترامب على كل جهودهما لدفع عملية التسوية إلى مسار سياسي ودبلوماسي. وسنكون على استعداد للترحيب بجهود جميع الدول الأخرى التي يمكنها المساهمة بتسوية النزاع الدامي المتواصل على مدى 3 سنوات.
وفيما قالت السلطات الروسية إنها لا تعترض على وقف إطلاق النار لمدة 30 يوما، لكنها كما يبدو تتوجس خيفة من أ، تستغل أوكرانيا وقت الهدنة لأعادة انتشار قواتها، وتفعيل عملية التعبئة العامة، ورفد قواتها بدماء جديدة، وزيادة الدول الغربية ضخها بالاسلحة الثقيلة بما تلك التي تطول العمق الروسي، وان تأخذ قواتها التي انهارت معنوياتها في عدد من الجبهات حيث تواصل الانسحاب امام القوات الروسية الزاحفة، قسطا من الراحة للتحضير لهجوم مضاد، فضلا عن ذلك إن روسيا كما جاء على لسان كبار المسؤولين والخبراء تشكك بوفاء القيادة الاوكرانية بالتزامها بوقف اطلاق النار، وستقوم باستفزازات يغض الغرب النظر عنها. وأشار الكرملين إلى أن التسوية تتطلب الوقت والاتصالات المباشرة مع كييف.
وفي وقت سابق وضع زعماء الدول الأوروبية المانيا وانجلترا وفرنسا وبولندا ما يسمى "تحالف الراغبين" إبان زيارتهم الى كييف، اللمسات الأخيرة على مسودة مشروع لوقف اطلااق النار لمدة 30 يوما في أوكرانيا وعرضوه على الرئيس ترامب. وذكر مصدر دبلوماسي فرنسي مطلع إن الدول الغربية تنوي فرض عقوبات جديدة مشتركة ضد روسيا في حال رفض هذا المقترح. وقال المستشار الألماني الجديد ميرز إنه من الممكن الاتفاق على وقف إطلاق النار لمدة 30 يوما بين روسيا وأوكرانيا من نهاية هذا الأسبوع. وبحسب الزعيم الألماني، هناك "احتمال كبير" أن يجري تمديد وقف إطلاق النار لمدة ثلاثة أيام الذي أعلنته روسيا الاتحادية، لمدة شهر. وأشار السياسي إلى أن "الكرة الآن في ملعب موسكو".
ونُقل عن مصدر مطلع قوله إن "الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين يضعون اللمسات الأخيرة على اقتراح لوقف إطلاق النار لمدة 30 يوما في أوكرانيا، وفي حال عدم قبوله فسيفرضون على روسيا المزيد من العقوبات". يُشار إلى أن اللمسات الاخيرة كما اشرنا وضعت عىى الوثيقة، إبان اجتماع زعماء "الدول الراغبة" في كييف.
ومن المنطقي أن موسكو ستطرح من بين امور أخرى شرطاً مثل تجميد إمدادات الأسلحة إلى أوكرانيا. ولا سيما على خلفية استئناف واشنطن إمدادات الأسلحة والمعلومات الاستخباراتية إلى كييف. وإعلان المانيا انها ستقوم لاحقا تزويد كييف بالاسلحة بصورة سرية، وهذا كان في الواقع كما اوضح عدد من المراقبين الروس الهدف التكتيكي الرئيسي للوفد الأوكراني في قبول هدنة مؤقتة. ومن خلال الموافقة على وقف إطلاق النار، صورت كييف الأمر لواشنطن على أنه رغبتها في المفاوضات والسلام الدائم، مع انه كان احد مطالب دونالد ترامب لزيلينسكي. وقال زيلينسكي حرفيا: "وافقت أوكرانيا على وقف إطلاق النار لإظهار لترامب أنها تدعم إنهاء الحرب". وهذه استجابة لطلب ترامب فقط وليس لأي طرف او دافع آخر.
ورغم معارضة موسكو لوقف إطلاق النار باعتباره غاية في حد ذاته، فإنها أشارت أيضاً إلى أنه ينبغي أن يكون مصحوباً بتحديد مواقف مبدئية من أجل سلام طويل الأمد في المستقبل. لكن لم يتحدث اي طرف عن هذا حتى الآن، ولم تشر كييف والاتحاد الأوروبي الى شيء بصدد إمكانية تقديم أي تنازلات في مسالة الاراضي. وفي الوقت نفسه، وبدون التنسيق مع الاتحاد الأوروبي، فإن وقف إطلاق النار في أوكرانيا، حتى لو وافقت موسكو عليه، قد يواجه التخريب من جانب حلفاء كييف الأوروبيين إلى الحد الذي قد يسمح بعد وقف إطلاق النار لقوات أوروبية بالوصول إلى أوكرانيا، وهو ما يضع موسكو أمام أمر واقع، ويستند إلى حقيقة مفادها أن أوكرانيا، كدولة ذات سيادة، لها كل الحق في دعوة أو عدم دعوة أي قوات أجنبية إلى أراضيها، ولذلك فإن قضية مراقبي وقف إطلاق النار يجب أن تحل وتناقش بما في ذلك مع الأوروبيين أيضاً. ولكن موسكو وبروكسل لم تظهرا حتى الآن استعدادهما للحوار المباشر.
ومن الجدير بالذكر أيضًا شروط مفاوضات السلام التي طرحها الرئيس بوتين في حزيران من العام الماضي، بما في ذلك ان تكون أوكرانيا دولة محايدة، منزوعة السلاح جزئيا، ونقل السيطرة الكاملة على أربع مناطق داخل حدودها الإدارية. وبالإضافة إلى ذلك، قد تضع موسكو شرطا لتخفيف جزئي للعقوبات، التي فرضت الولايات المتحدة وحلفاؤها بالفعل 21692 منها على روسيا.
والآن يتعين على موسكو أن تصوغ شروطها لوقف إطلاق النار في المفاوضات مع مبعوثي واشنطن، ليس كرفض صريح لترامب، بل كموافقة على مناقشة مبادراته لحفظ السلام بشكل بناء.
The post هواجس موسكو من وقف إطلاق النار لمدة 30 يوما في أوكرانيا appeared first on جريدة المدى.