فقد امتدّ الطابور أمام صالة "دوبوسي" إلى مسافات طويلة، وسط حماسة عارمة من حفنة محظوظين ظفروا بمقاعدهم داخل القاعة، آملين لقاء أسطورة التمثيل. المفوّض العام للمهرجان، تييري فريمو، قدّم الجلسة بوصفها لحظة إستثنائية، مخاطباً الحاضرين بالقول: "ستتذكّرون انكم كنتم هنا". لكن ما كان يُفترض أن يكون درساً سينمائياً لا يُنسى، تحوّل إلى لحظة إحباط جماعي، ما إن تولّى المصوّر والمخرج جي آر مهمّة محاورة دنيرو. اختيار أقلّ ما يُقال فيه إنه كان كارثياً.فالخطأ بدأ من هنا: إسناد مهمّة بهذه الحساسية إلى شخص لا يجيد فنّ الحوار، ولا يمتلك أدوات المحاور القادر على سبر أغوار ضيفه. فبدلاً من أن يدفع بدنيرو إلى البوح، أغرقه بأسئلة مطوّلة، غائمة، فاقدة للبوصلة. وكانت النتيجة سلسلة من الردود المقتضبة: هزّات رأس متتالية، كلمات مقتضبة، نظرات ساهمة، وأحياناً صمتٌ مطبق، كأن دنيرو يقول لنا: "لا شيء لديّ أضيفه". صحيح أن دنيرو ليس من طينة الفنّانين الثرثارين، بل يشتهر بالتحفّظ والاقتصاد في الكلام، بعكس صديقه المقرّب مارتن سكورسيزي، الذي يصبّ الكلام صبّاً. لكن ما حدث على مسرح "دوبوسي" تجاوز "صمته" المعتاد، وكشف خللاً في إدارة الحوار. كان ينبغي أن تُختزل الأسئلة، أن تتحوّل الجلسة إلى ...