مسؤولة أممية تزور السويداء في ظل توترات أمنية واستحقاقات محلية

1 week ago 7
ARTICLE AD BOX

زارت نائبة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سورية نجاة رشدي محافظة السويداء، اليوم الاثنين، ضمن جولةٍ تهدف إلى تعزيز الحوار السوري ومتابعة التطورات الأمنية الأخيرة. الزيارة التي أجرت خلالها رشدي لقاءات مع قيادات دينية واجتماعية تأتي في أعقاب تصاعد التوترات الأمنية التي شهدتها المحافظة ومدينتي جرمانا وأشرفية صحنايا في ريف دمشق، والتي اندلعت بسبب مواجهات بين فصائل محلية وقوات وصفتها وزارة الداخلية السورية بـ"غير المنضبطة"، وبعد مغادرة طلاب الجامعات من أبناء السويداء جامعاتهم نتيجة ما وُصف بـ"التهديدات الأمنية".

واستهلت رشدي زيارتها من بلدة قنوات، حيث التقت الرئيس الروحي لطائفة المسلمين الموحدين الدروز الشيخ حكمت الهجري. ومن هناك، انتقلت إلى كنيسة الروم الأرثوذكس في مدينة السويداء حيث التقت شخصيات مسيحية بارزة، لتتجه بعدها للقاء وجهاء العشائر، قبل أن تختتم جولتها في مقام عين الزمان في مدينة السويداء. وخلال لقائها مع الهجري، ناقشت رشدي أوضاع الطائفة الدرزية والتحديات الأمنية. واعتبر الهجري أن "السويداء تعاني من حصار غير معلن"، معرباً عن قلقه من "المشاريع الخارجية التي تستهدف تماسك النسيج الاجتماعي"، على حد تعبيره.

واستمعت رشدي إلى ممثلي كنيسة الروم الأرثوذكس الذين أكدوا "أهمية الحفاظ على التعايش التاريخي بين المكونات"، معربين عن مخاوفهم من "تحويل التنوع السوري إلى ورقة صراع إقليمي". وخلال لقائها بوجهاء العشائر، سلطت النقاشات الضوء على معاناة أهالي السويداء من انعدام الأمن وغياب الخدمات الأساسية. وأشار الوجهاء إلى أن "الاتفاقيات الحكومية تبقى حبراً على ورق ما لم تُترجم إلى إجراءات ملموسة"، وفقاً لأحد المشاركين.

وفي مداخلته خلال اجتماع عين الزمان، وجه شيخ عقل طائفة الموحّدين الدروز في السويداء يوسف جربوع اتهاماً لجهاتٍ لم يحددها بـ"تلفيق تسجيلات صوتية لتشويه الحقائق، وإعطاء ذريعةٍ لمجموعات مسلحة للهجوم على المكون الدرزي في سورية وممارسة انتهاكاتٍ تحت غطاء الدفاع عن المقدسات". كما ألمح إلى أن "الهجوم على طلاب الجامعات كان مبرمجاً"، مضيفاً: "نحن لم نعتد على أحد، وطموحنا الوحيد هو العيش بكرامة". كما استنكر جربوع "التدخلات الخارجية التي تستغل المشكلات الداخلية"، مُحمّلاً الحكومة مسؤولية حماية المواطنين من "المتطرفين والمفتنين، خاصة أولئك الذين يقطعون طريق دمشق السويداء، شريان الحياة الوحيد للمحافظة، في محاولة لتجويعها وقطع الإمدادات عنها، وفصلها عن دمشق"، وفق تعبيره.

من جانبه، دعا شيخ العقل لطائفة الموحدين الدروز حمود الحناوي الدولة لتحمل المسؤولية وطالب المجتمع الدولي بـ"الوقوف مع المظلومين". كما حمّل الحناوي الحكومةَ "المسؤولية الأولى في تأمين الطريق الحيوي بين دمشق والسويداء"، معتبراً أن "التعديات الأخيرة على الطريق أودت بحياة أبرياء".

في غضون ذلك، أكد قائد حركة رجال الكرامة الشيخ يحيى الحجار، في مداخلته، أن "الدفاع عن النفس حق مشروع تكفله كل الدساتير"، مشدداً على أن "رأسمال أبناء السويداء هو كرامتهم وأعراضهم، وأنهم مستعدون للذود عنها بدمائهم". كما وجه نداءً لـ"نبذ خطاب الكراهية وتعزيز اللحمة الوطنية"، وحمل الدولة مسؤولية محاسبة المروجين لهذا الخطاب الذي وصفه بـ"المقيت" والذي "لا يمثل ثقافة الشعب السوري"، على حد وصفه.

أما الناشط المدني معتصم العفلق، فقد ذكر في مداخلته أن "عشرة آلاف طالب وطالبة حرموا من التعليم بسبب التهديدات التي طاولتهم في جامعاتهم". واعتبر العفلق أن "الدعوات الرسمية لعودة الطلاب تفتقر إلى ضمانات حقيقية، مثل نشر قائمة المُعاقَبين، وفرض عقوبات فعلية وعلنية على مرتكبي الانتهاكات في الجامعات". كما تحدث عدد من الطلاب أمام المسؤولة الأممية عما وصفوه "أجواء الرعب" التي عاشوها في جامعاتهم. وتناولت شهاداتهم حالات اعتداء وتهديد طاولتهم من قبل مجموعات مسلحة داخل الحرم الجامعي، زاعمين أن معظمها كانت تحصل على مرأى عناصر من الأمن العام.

وفي كلمتها الختامية، أكدت رشدي أن "هدف الأمم المتحدة هو بناء سورية تتسع للجميع"، قائلةً: "لا نريد أن يموت أحد لأجل الوطن، بل أن يعيش الجميع لبنائه". وأضافت: "تنوعكم ثروةٌ يجب الحفاظ عليها. وسأنقل مطالبكم لأن سورية تحتاج إليكم كما أنتم تحتاجون إليها".

وفي سياق متصل، نظمت منظمة "جذور سورية" اليوم لقاءاً مع طلاب جامعيين متضررين في مركز المنظمة، قدم الطلاب خلاله شهاداتٍ عن "وجود سلاح منفلت داخل الجامعات"، وتباينت الآراء بين من يدعو للعودة إلى الدراسة وبين من يشكك في نيات الحكومة.

وشهدت محافظة السويداء، المعروفة بتنوعها الطائفي، تصعيداً غير مسبوق، تمثل في اشتباكات مسلحة وقطع طريق دمشق السويداء، ثم دخول مسلحين إلى بلدة الصورة وارتكاب انتهاكات فيها. وفي محاولة لاحتواء الأزمة، عقد شيوخ العقل الثلاثة ووجهاء المحافظة اجتماعاً مع ممثلي الحكومة السورية قبل أسبوع، أسفر عن اتفاقٍ ينص على تفعيل دور جهاز الأمن العام والضابطة العدلية في السويداء من أبنائها، مع تكليف الدولة بتأمين الطريق الرابط بين السويداء ودمشق.

وفي قراءة للمشهد، قالت الناشطة الحقوقية ريم الأحمد إن غياب العدالة يُغذي الأزمات، معتبرة أن "الأزمة في السويداء تعكس إخفاقاً متراكماً في تحقيق العدالة الانتقالية". وأضافت: "الاتفاقيات الأمنية لن تنجح من دون محاسبة الفاعلين وجبر ضرر الضحايا"، فيما شكك الناشط السياسي هادي منذر في "حياد الخطاب الأممي وجديته"، معتبراً أن "زيارات المبعوثين تبقى صورية ما لم تُرفق بضغوطٍ على الحكومة والأطراف الدولية المتدخلة في سورية". وأضاف: "زيارة رشدي إلى السويداء تطرح تساؤلاتٍ حول جدوى الدبلوماسية الدولية في بيئةٍ تشهد صراعاتٍ متعددة المستويات".

Read Entire Article