مجلة أميركية: بسبب قربهم من حقول النفط، ارتفاع حالات السرطان في البصرة

1 day ago 6
ARTICLE AD BOX

 ترجمة حامد أحمد

تناول تقرير لمجلة، نيو لاينز ماغازين NEW LINES Magazine، الأميركية موضوع الثمن الذي يدفعه سكان قرى في البصرة من حياتهم وصحتهم بسبب قربهم من أدخنة آبار نفطية وانبعاثاتها الغازية وتلوث هواء، مشيرة الى وجود ارتفاع بحالات الإصابة بالسرطان والامراض التنفسية تنذر بالخطر في هذه القرى، حيث تم مؤخرا تسجيل أكثر من (3000) حالة جديدة بالسرطان في بلدة عرادة في البصرة التي يقطنها 51 ألف شخص فقط، وفي الوقت الذي من المفترض ان تكون المسافة الآمنة وفق القانون بين أي حقل نفطي ومنطقة سكنية 10 كيلو مترات، فان هناك قرى ومجمعات سكنية في البصرة لا تبعد سوى مئات من الأمتار عن أبراج حقول النفط اللاهبة.

يتصاعد عمود كثيف من الدخان من فوق أسطح المنازل جاعلا الأفق مظلما كأنه كدمة. ومن بين كل زقاق وواجهة متجر في بلدة عرادة يمكن رؤية أعمدة الادخنة السوداء تحلق بلا نهاية في السماء. مصادر هذه الادخنة تكمن مباشرة في ضواحي المدينة، انها ادخنة ومشاعل لهب أبراج حقل غرب القرنة 2 ، احد حقول النفط العملاقة في العراق الذي تديره شركة الطاقة العملاقة الروسية لوك أويل. اللهيب لا ينطفئ وان الوهج البرتقالي لهذه النيران مستمر كما هو الحال مع العواصف الترابية.
صادق هوير، 41 عاما شخص معروف في البلدة لأنه دائما ما يلجأ اليه المتضررون من الإصابات للحصول على معلومات عن تقارير الفحص الطبي المرسلة من بغداد. بينما يتجول بين ضجيج السوق سأله رجل يحمل ملف ازرق عن نتائج فحوصات من مستشفى خاص وهو يقول "هل من اخبار من بغداد؟" ويقول آخر بصوت أجش "لقد وجدوا ورما في دماغ ابنتي". يرد عليهم هوير بلطف وكلمات مطمئنة.
يقول هوير في حديث لمجلة نيو لاينز "هنا في عرادة العمر يعتبر ترفا. الناس هنا لا يعمرون طويلا، وإذا ما عمر أحدهم فانه سيشهد احباءه وهم يعانون".
وخلال السنتين الماضيتين وثق هوير أكثر من 3 آلاف حالة جددية من السرطان في بلدته التي يقطنها 51 ألف شخص فقط. لقد نظم لقاءات عشائرية ومظاهرات وتقديم رسائل ومناشدات لمسؤولين، ولكن السنة نيران أبراج النفط ما تزال تستعر. انه الشخص الوحيد في البلدة الذي يوثق حالات الإصابة بالسرطان فيها.
الى جانب توسع مشاريع تطوير حقول النفط وقدوم شركات نفط عالمية لتنفيذها مثل شركات برتش بتروليوم البريطانية وشركة ايني الإيطالية ولوك أويل الروسية، فقد برزت فجوات في ابنية التحتية بحجم الثغرات القانونية، فبدون محطات لجمع وتصنيع الغاز المصاحب لاستخراج النفط، فان الشركات اعتمدت على حرقه في الهواء الطلق. وبلغ ما حرقه العراق من غاز مصاحب في عام 2023 وحده ما يقرب من 24 مليار متر مكعب، ليحتل المرتبة الثالثة عالميا بكميات حرق الغاز بعد روسيا وإيران.
ويشير التقرير الى ان الهواء في البصرة يحمل الوطأة الكبرى لهذه النيران. وكشفت دراسة صدرت عن جامعة البصرة في أيلول 2024 بان مقاييس التلوث في المنطقة القريبة من حقل الرميلة فاقت حدود معايير السلامة العراقية وتلك التابعة لمنظمة الصحة الدولية، والشيء الخطير في ذلك هو الهواء الملوث بالجسيمات التي تسبب امراض الجهاز التنفسي والموت المبكر، والذي تم تصنيفه من قبل وكالة أبحاث السرطان بأنها ملوثات مسرطنة.
ووفقا للقانون العراقي فانه لا يسمح لحقل نفطي او برج ينفث لهبا من العمل ضمن مسافة أقل من 10 كم عن المناطق السكنية. ولكن من الناحية العملية لا يتم الالتزام بهذا الحكم. وفي مناطق وقرى مثل عرادة وفي البصرة بشكل عام، فان هناك منازل مشيدة على بعد عدة مئات من الأمتار فقط عن أبراج حقول النفط اللاهبة. وان المسافة القانونية الأدنى موجودة فقط على الورق.
في عام 2022 نشرت محطة البي بي سي تقريرا سريا عن وزارة الصحة العراقية اشارت فيه الى تسجيل زيادة بنسبة 20% بحالات السرطان في البصرة لفترة ما بين 2015 و2018 عازية الأمر لتلوث الهواء. وكشفت البي بي سي أيضا بوجود فارق في عدد الإصابات بين ارقام وزارة الصحة وتقرير محلي لدائرة صحة البصرة، حيث اشارت وزارة الصحة الى تسجيل 2 ألف و339 حالة سرطان في البصرة عام 2020، في حين ورد في التقرير المحلي في البصرة تسجيل 8 آلاف و587 حالة جديدة. واستنادا لآخر إحصاءات رسمية فان عدد حالات السرطان التي تم تشخيصها في البصرة عام 2023 بلغت 3 ألف و305 حالة.
ويقول المواطن هوير "انهم يكذبون لتجنب الإقرار بالأزمة الصحية. نحن نرى الاعداد الحقيقية بالإصابات بأعيننا في الشارع وفي بيوتنا وفي المقابر المكتظة".
أيسر يعقوب ،32 عام أحد أهالي بلدة عرادة، ويعمل سائقا في حقل الرميلة يقول "الإصابة بالسرطان في بلدة عرادة ليست بالشيء الغريب انه كما تصاب بنزلة برد. في النهاية الكل سيصاب بهذا المرض".
حيدر عبد، ميكانيكي يعمل قرب حقل غرب القرنة 2، قال وهو ينظر الى أعمدة دخان الحقل عبر السماء "هنا يستملك النفط ويسيطر على كل شيء، على صحتنا وتنفسنا وحتى على موتنا. انا اعرف ما يسببه لي عملي هنا. ولكن لا أستطيع ترك العمل، كلا والدي مرضى وان مرتبي سأنفقه على علاجهما الكيمياوي".
العمال الذين يعملون بالقرب منه من ميكانيكيين ولحامين وفنيي مصافي، يروون قصصا عن الأورام وعن رضع يولدون بتشوهات وعن العقم والفشل الرئوي وعن زملاء يختفون بين حين وآخر.
يقول أحدهم "جميعنا يعلم ما يحدث، فقدنا الكثير من أفراد عوائلنا وزملاء لنا". في حين يقول جعفر وهو عامل مصفى "خلال السنوات الثلاث الماضية توفي كلا والدي وثلاثة من أبناء عمومتي بسبب السرطان. انا أخشى ان دوري سيأتي ولكن ليس لدينا خيار، انه مصدر رزقنا ومعيشتنا".
عن مجلة نيو لاينز الأميركية

The post مجلة أميركية: بسبب قربهم من حقول النفط، ارتفاع حالات السرطان في البصرة appeared first on جريدة المدى.

Read Entire Article