ماضي بايدن القريب يطارده إلى بروستاته المصاب بالسرطان

6 hours ago 2
ARTICLE AD BOX

سيظل ماضي جو بايدن القريب يلاحقه طويلاً. سنة 2024 كانت الأطول على الرئيس السادس والأربعين للولايات المتحدة. خلالها بدا واضحاً في معظم نشاطه العام أنه ليس على ما يرام. لم تعد التأتأة تبرر له أخطاء تجاوزت هذه المسألة المزمنة، إلى الخلط بين أسماء رؤساء أحياء وآخرين راحلين، وبين دول ودول، وإلى التعثر والجمود على المنصات كأنه نسي تماماً أين هو، إلى آخره من اللحظات المحرجة التي كان الديموقراطيون يتحايلون عليها بالقول إنه، في مكتبه في البيت الأبيض، جو الذي نعرفه، حاداً ويقظاً وعلى رأس عمله، وإن خصومه هم الذين دائما يقتطعون مشاهده من سياقها.

لكنها كانت سنة طويلة عليه. في شباط/فبراير 2024 تلقى صفعة علنية من روبرت هور، المحقق الخاص في قضية احتفاظ بايدن بوثائق سرية بعد الخروج من منصبه نائباً للرئيس. حينها خلص المحقق إلى أن بايدن رجل "مسن ذو نوايا حسنة وذاكرة ضعيفة"، ملاحظاً أنه لم يتذكر تاريخ وفاة ابنه بو أو فترة توليه منصب نائب الرئيس. اشتعل بايدن بالغضب حينها مع أنه خرج بريئاً، بينما اعتبر فريقه أن هذه الخلاصة دوافعها سياسية.

قبل أيام نشر موقع "أكسيوس" ساعات من التسجيلات للاستجواب الذي خضع له بايدن في العام الذي سبق التقرير. وفيها تأكيد للمؤكد في التقرير بأنه لم يكن بكامل لياقته الذهنية كرئيس لأميركا، وبأنه تلعثم كثيراً ونسي مواعيد محطات فارقة في حياتيه، الشخصية والعامة.

بعد التقرير، بدأ مشوار الانحدار المتواصل، وتشديد العزلة التي أحيط بها من قبل زوجته الدكتورة جيل وكبار مساعديه، وبقي مصراً على الترشح مجدداً، وخاض انتخابات الحزب الديموقراطي التمهيدية من دون منافس حقيقي، وفاز بها بالتزكية تقريباً، من دون أن يبذل جهداً انتخابياً وظهوراً عاماً في جولات كان لا شك سيفاقم انكشافه على عيون الإعلام وخصومه كما مناصريه.

إلى أن أتت الضربة القاضية. في المناظرة الأولى والأخيرة بينهما، واجه جو بايدن خصمين، أقلهما خطراً عليه كان دونالد ترامب، أما الثاني، الذي طرحه أرضاً من الدقائق الأولى للمناظرة، فلم يكن إلا جو بايدن نفسه، وهو يتمتم بصوت غائر عبارات أشبه بتعاويذ غير مفهومة، وغير مكتملة. ولما تحسن أداؤه قليلاً، كان الوقت قد فات، ولم تعد مجدية محاولته الوقوف من جديد.

الباقي بات من التاريخ. الحزب الديموقراطي بدأ يتحوّل تدريجاً من التضامن التام معه ومع قراره الترشح ثانية، إلى تسريبات عن تململ المتبرعين الكبار، ومنع الوصول إليه من قبل دائرته الضيقة ثم افتتاحية جورج كلوني في "واشنطن بوست" حيال وجوب عزوف بايدن عن الترشح، ثم، بعد محاولة اغتيال ترامب، إلى حملة ضغط متصاعدة عليه للخروج من اللعبة وصلت إلى حد عزله معنوياً وتهديده بالتشهير به في حال استمر على عناده.

ولأنه تأخر حتى اقتنع، عاد الديموقراطيون ليرموا عليه ثقل تهمة بحجم خسارتهم البيت الأبيض أمام واحد من أعتى خصومهم على الإطلاق. فقد نفدت فرصهم بترشيح أفضل منافس لترامب، وتسويقه في وجه النجم الصاعد مجدداً أقوى بكثير من العام 2016. 

ومع أنهم بالغوا في مدحه وتكريمه لفظياً، إلا أن ما كُسر بين بايدن وحزبه، أو على الأقل بينه وبين نادي الكبار في الحزب، وكامالا هاريس باتت واحدة منهم، لم يعد بالإمكان إصلاحه. 

 

جو بايدن وزوجته جيل في أحدث صورة لهما.

 

الآن يعود هذا الماضي القريب ليلاحق جو بايدن، في واحدة من أصعب التحديات التي يواجهها رجل في الثانية والثمانين. التفاعل مع خبر كشف سرطان بروستات عدواني تمدد إلى العظام، كما أعلن مكتبه الأحد الفائت، كان يفترض أن يبدأ وينتهي بالتضامن البحت. هكذا فعل دونالد ترامب حين كان من أوائل الذين تمنوا الشفاء لبايدن في تغريدة، كذلك فعل سياسيو الحزبين الجمهوري والديموقراطي. 

لكن السؤال التالي الذي سرعان ما رمي ككرة ثلج راحت تكبر بسرعة: منذ متى يعلم بايدن بإصابته بالمرض، خاصة أن الإعلان جاء بعد تمدده إلى العظام؟

التهمة القديمة، بأن آل بايدن يخفون أكثر مما يعلنون، عادت تلاحق الرئيس السابق وعقيلته. التساؤل الآن يتمحور عمّا إذا كان يعلم بمرضه خلال ولايته؟

ترامب أبدى ذهوله أمام المراسلين، الاثنين الفائت، من عدم إبلاغ الجمهور بهذا المرض منذ فترة طويلة، خاصة وأنه في المرحلة التاسعة التي يستغرق الوصول إليها وقتاً طويلاً (تسع من عشر هي درجة عدوانية السرطان وليس المرحلة التي وصل إليها). وقال إن "طبيب بايدن ذاته الذي قال سابقاً إنه بصحة جيدة يقول الآن إنه مريض". ما ألمح إليه ترامب قاله أحد النواب الجمهوريين بفجاجة: "طبيب بايدن كان معنياً بالمساعدة في التغطية السياسية بدلاً من تقديم رعاية طبية من الدرجة الأولى". 

التشكيك بتوقيت إصابة بايدن بالمرض سرعان ما خرج من القمقم، لينتقل من ترامب إلى نائبه جي دي فانس الذي قال إنه "يجب أن نعرف ما إذا كان الرئيس السابق قادراً على القيام بواجبه خلال فترته، وما إذا كان مساعدوه قد أخفوا الحقيقة".

ما يزيد من تدخل السياسة في بروستات جو بايدن، النقاش السياسي حول ماضي بايدن القريب، والذي بدأ يتحول إلى وثيقة لطرق التخفي التي انتهجها بايدن ومساعدوه خلال فترة الانحدار الصحي والذهني.
الكتاب صدر الثلاثاء لكن الصحف الكبرى نشرت قراءات لأبرز ما فيه، عنوانه "الخطيئة الأصلية: تدهور الرئيس بايدن، التستر على حالته، وقراره الكارثي بالترشح ثانية".
وهو كتاب يُقرأ من عنوانه.





       
Read Entire Article