ما دلالات زيارة مدير الوكالة الفرنسية للتنمية الصحراء الغربية؟

1 week ago 11
ARTICLE AD BOX

فتحت زيارة المدير العام لمجموعة الوكالة الفرنسية للتنمية (الذراع الرسمية لباريس لتنفيذ سياستها في التعاون الدولي) ريمي ريو، لمنطقة الصحراء الغربية، التي بدأها أمس السبت من مدينة العيون (كبرى حواضر الصحراء الغربية)، باب الأسئلة عن دلالات الزيارة، ولا سيما في ظل توالي زيارات مسؤولين فرنسيين للمنطقة أخيراً. ووصل ريو إلى مدينة العيون، أمس السبت، في زيارة وصفها بأنها ميدانية، ليكون بذلك ثالث مسؤول فرنسي يزور المنطقة، بعد وزيرة الثقافة الفرنسية رشيدة داتي في 17 فبراير/ شباط الماضي، ورئيس مجلس الشيوخ الفرنسي جيرار لارشيه في الـ 25 من الشهر نفسه. فيما ينتظر أن يحل المسؤول الفرنسي اليوم الأحد بمدينة الداخلة ثاني كبريات مدن الصحراء الغربية، وذلك في زيارة تمتد ليومين، سيلتقي خلالها والي جهة الداخلة ورئيس مجلس الجهة ورئيس بلدية المدينة وفاعلين آخرين.

واستبق المسؤول الفرنسي زيارته للمنطقة بالتأكيد، خلال مؤتمر صحافي عقده أول من أمس الجمعة بعد لقائه وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة بالعاصمة الرباط، أن زيارته تندرج في إطار تفعيل الإعلان المشترك الذي وقع في أكتوبر/ تشرين الأول 2024 بين العاهل المغربي الملك محمد السادس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال زيارة الأخير الرسمية للمملكة، وأنها تأتي أيضاً في سياق إعلان الرئيس ماكرون، خلال تلك المناسبة، الموقف الجديد لفرنسا المتمثل بدعم مقترح الحكم الذاتي لإقليم الصحراء الغربية الذي يطرحه المغرب.

وكان لافتاً تأكيد مدير الوكالة الفرنسية للتنمية، أن مهمته الحالية تندرج ضمن ما وصفه بـ"التفعيل السريع لهذا التوجه الاستراتيجي"، وأن هناك توجهاً لتوسيع نطاق تدخل مجموعة الوكالة الفرنسية للتنمية، ليشمل الصحراء الغربية. وتعتبر الوكالة الفرنسية للتنمية مؤسسة حكومية تعمل على تمويل مشاريع التنمية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية ودعمها في أكثر من 100 دولة، ولا سيما في أفريقيا. وتوصف الوكالة بكونها الذراع الرسمية لباريس لتنفيذ سياستها في التعاون الدولي، من خلال تمويل مشاريع تتعلق بالبنية التحتية والطاقة والتعليم والمناخ والصحة، وبالشراكة مع الحكومات والمنظمات الدولية.

إلى ذلك، اعتبر مدير "مركز الصحراء وأفريقيا للدراسات الاستراتيجية"، عبد الفتاح الفاتيحي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن زيارة مدير وكالة التنمية الفرنسية تندرج في سياق الشراكة الاستراتيجية بين الرباط وباريس عقب الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء باعتبار الحكم الذاتي الحل الوحيد لحل النزاع. وبحسب الفاتيحي، فإن "زيارة المسؤول الأول عن الوكالة عملية، لأنه يراهن عليها لتفعيل الاتفاقيات التي صُدِّق عليها بين يدي ملك المغرب والرئيس الفرنسي بخصوص إحداث العديد من المشاريع الاقتصادية بجهة الصحراء بكونها مشروعاً لإنتاج الوقود الإلكتروني بجهة الداخلة وادي الذهب، بطاقة إجمالية تبلغ حوالى 500 ألف طن في السنة من الوقود المتجدد (الميثانول الإلكتروني والكيروسين الإلكتروني)".

ورأى أن الزيارة استكمال لمسار من الارتقاء بالعلاقات بين البلدين، ولا سيما في مشاريع الطاقة المتجددة، كالطاقات الريحية والمائية والشمسية. كذلك فإنها "تأكيد لثبات مسار الموقف الفرنسي الجديد من مغربية الصحراء موجه إلى خصوم المغرب بأن فرنسا قد استقر موقفها السيادي من النزاع، وأن أي ابتزاز لها باختلاق أسباب التصعيد لن يؤثر باستدامة موقفها". من جهته، اعتبر الباحث في تاريخ العلاقات الدولية، بوبكر أونغير، أن الزيارة تحمل دلالات عدة، من أبرزها أن "فرنسا عازمة على تنزيل رؤيتها السياسية الجديدة المبنية على الاعتراف بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية"، وأنها "تجاوزت النظرة التقليدية المبنية على التحفظ، إلى نظرة فعلية قائمة على مباشرة مشاريع تنموية وعلاقات مهمة مع المجتمع المدني والجماعات الترابية بالجهات الجنوبية المغربية".

وقال أونغير، في حديث مع "العربي الجديد": "فرنسا تعلم علم اليقين أن دخول الولايات المتحدة الأميركية وباقي الدول الأوروبية الى الصحراء المغربية عبر استثمارات مهمة سيزيح فرنسا عن خريطة التموقعات الاقتصادية، لذلك سارعت إلى استعمال أذرعها الاقتصادية والتنموية من أجل فتح المجال لشراكات اقتصادية ودعم مشاريع تنموية، وتشجيع المعاهد الفرنسية، وتشجيع استعمال اللغة الفرنسية في مجالات محددة. وهذا ما يبرر تنقل المدير العام شخصياً. وما أسفرت عنه الزيارة لا يبعد كثيراً عن هذه التوجهات". وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قد أعلن، في 30 يوليو/تموز 2024، اعتراف بلاده بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، في تحول دبلوماسي لافت في علاقات البلدين، وفي مسار حل نزاع استمر لأكثر من 49 عاماً. وفي 29 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، وقع العاهل المغربي الملك محمد السادس وماكرون إعلاناً لـ"شراكة استثنائية وطيدة" تمتد إلى الصحراء الغربية، في خطوة لافتة تعكس توجهاً نحو الرقي بالعلاقات بين البلدين، وتأكيداً للموقف الفرنسي المعترف بسيادة الرباط على الصحراء الغربية والداعم للمبادرة المغربية للحكم الذاتي، كذلك جدد ماكرون بصفة خاصة تأكيد التزامه مواصلة مواكبة جهود المغرب من أجل تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية لهذه المنطقة لفائدة الساكنة المحلية.

Read Entire Article