لا انتخابات محلية في مصر قبل تعديل الدستور

1 day ago 1
ARTICLE AD BOX

كشفت مصادر نيابية مصرية لـ"العربي الجديد" عدم إدراج الحكومة مخصصات مالية لإجراء انتخابات محلية (البلدية) في موازنة العام المالي الجديد (2025-2026)، الذي يشهد إجراء الانتخابات التشريعية (مجلسا الشيوخ والنواب على الترتيب) في النصف الثاني من العام الحالي، من دون إشراف قضائي كامل على صناديق الاقتراع للمرة الأولى في مصر منذ عام 2011.

تغيير شامل في دستور مصر

وقالت المصادر إن مصر لن تشهد انتخابات محلية قبل الانتهاء من المشروع الجديد لتعديل الدستور، المرجح عرضه على مجلس النواب في نهاية عام 2027، تمهيداً لإجراء استفتاء شعبي عليه مطلع 2028، بحيث يتضمن تغييراً شاملاً لجميع المواد المنظمة للمحليات، حتى تتكامل مع التشريع الذي سيصدر لتنظيم انتخاب المجالس المحلية واختصاصاتها.

وذكرت المصادر أن تعديل الدستور يهدف إلى تمديد حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى عام 2036 بدلاً من 2030، من خلال وضع مادة انتقالية تسمح بترشحه لولاية رابعة قوامها ست سنوات، مع تغيير بعض المواد المتعلقة بالمحليات، على غرار ما حدث في تعديل الدستور عام 2019، الذي فُصّل خصيصاً لتمديد مدة الرئاسة من أربع إلى ست سنوات، وأعاد في المقابل مجلس الشيوخ إلى الحياة السياسية من دون ثمة صلاحيات تذكر.

ينظر إلى المحليات في مصر باعتبارها "بؤرة الفساد" الأكبر حجماً

ووفقاً للمصادر نفسها، فإن السيسي يرفض مبدأ انتخاب مجالس محلية للإشراف على أداء المحافظين المعينين من قبله، لا سيما مع صعوبة ضمان عدم تفلت معارضين بين أكثر من 50 ألف عضو مجلس محلي منتخب على مستوى الجمهورية، وبالتالي يجب تعديل مواد المجالس المحلية في الدستور أولاً، بما يسمح بإمكانية حلّها بقرار من رئيس الجمهورية، وإعادة انتخابها بعد استيفاء بعض الإجراءات الحكومية.

وتجددت دعوات إجراء انتخابات محلية في جلسات الحوار الوطني الذي دعا إليه السيسي في عام 2022، وأدارته الأكاديمية الوطنية للتدريب التابعة لجهاز الاستخبارات العامة، في ظل مطالب متكررة من نواب البرلمان للحكومة بالإسراع في إجراء هذه الانتخابات، من أجل تخفيف العبء عن عاتقهم في دوائرهم، إذ يعانون من طلبات المواطنين المتزايدة بشأن تردّي خدمات المرافق العامة، والفساد المستشري في المحليات بجميع المحافظات.

وقال رئيس الهيئة البرلمانية لحزب الشعب الجمهوري في مجلس النواب، محمد أبو هميلة، لـ"العربي الجديد"، إن خروج قانون الإدارة المحلية للنور يستلزم التوافق بدايةً على عدد من المسائل الهامة، منها حقّ أعضاء المجالس المحلية في سحب الثقة من المحافظين، والتي يجب أن يدور حولها نقاش موسع، ووضع شروط منضبطة في استعمال ذلك الحق.

لم تدرج الحكومة مخصصات مالية لإجراء انتخابات محلية في موازنة العام المالي الجديد

ولفت أبو هميلة إلى أن قانون الإدارة المحلية الذي ألزم الدستور بإصداره ليس تشريعاً خاصاً بالانتخابات وحدها، وإنما يهدف إلى تنظيم العمل المحلي على مستوى الجمهورية، وآليات الرقابة على أداء المحافظين، وصلاحيات القيادات المحلية، في ضوء اختصاصات المجالس المنتخبة في كل محافظة، وضمانات استقلال أعضائها مالياً وإدارياً.

وحمّل السيسي الحكومة والبرلمان المسؤولية أكثر من مرة عن عدم إصدار تشريع الإدارة المحلية أمام وسائل الإعلام، علماً أن القانون أدرج سابقاً على جدول أعمال مجلس النواب، وسُحب في اللحظات الأخيرة قبل بدء مناقشته في الجلسة العامة، إثر تلقّي المجلس تعليمات من "جهات سيادية" تفيد بعدم استعداد أجهزة الدولة لإجراء الانتخابات المحلية.

تعديل الدستور يهدف إلى تمديد حكم السيسي إلى عام 2036 بدلاً من 2030

بؤرة فساد

وينظر إلى المحليات في مصر باعتبارها "بؤرة الفساد" الأكبر حجماً، على وقع انتشار الرشى المالية المرتبطة بمنح التراخيص بأنواعها في المحافظات كافة. ولم تشهد مصر أي انتخابات محلية منذ عام 2008، إلا أن المجلس العسكري أصدر مرسوماً في 2011 يقضي بتشكيل مجالس محلية مؤقتة إلى حين إصدار قانون المحليات الجديد، الذي اقترب من عامه الرابع عشر وهو لا يزال يراوح مكانه.
ورأى عضو في مجلس النواب عن الحزب المصري الديمقراطي (تحفظ عن ذكر اسمه)، أن أهم أسباب تعطيل إصدار قانون المحليات هو نصّ الدستور على مراقبة المجالس المحلية لخطط التنمية، ومتابعة أوجه النشاط وممارسة أدوات الرقابة على الأجهزة التنفيذية، بما يُهدد عمليات الإسناد المباشر من الوزارات والهيئات الحكومية لشركات بعينها تتبع المؤسسة العسكرية، وفي مقدمتها جهاز مشروعات الخدمة الوطنية، والهيئة الهندسية للجيش.

وبحسب مواد الدستور الحالي، يمنح القانون المرتقب كل مجلس محلي اختصاص اعتماد موازنته، وحسابه الختامي، الأمر الذي يعني مراقبة جميع موازنات وأرقام مشاريع البنى التحتية، والطرق والجسور الجديدة، التي تشهدها جميع المحافظات تحت إشراف شركات القوات المسلحة.

وكانت محكمة عسكرية مصرية دانت الرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات المستشار هشام جنينة، بالسجن لمدة خمس سنوات بتهمة نشر أخبار كاذبة، بعد مقابلة صحافية أجراها في عام 2018، وتضمنت معلومات هامة على لسانه تتعلق بتفشي الفساد المالي داخل مؤسسات الدولة.

وأثناء توليه رئاسة أكبر جهاز رقابي في مصر، كشف جنينة عن الكثير من وقائع الفساد في أجهزة الدولة، والتي قُدّرت بنحو 600 مليار جنيه خلال ثلاثة أعوام (الدولار يساوي 50 جنيهاً تقريباً)، وهو ما دفع رئيس الجمهورية إلى إصدار تشريع يسمح له بعزل رؤساء الهيئات المستقلة والأجهزة الرقابية، وأقره مجلس النواب السابق فور انعقاده في يناير/كانون الثاني 2016.

Read Entire Article