تعقدُ دول العالم، آمالا كبيرة على الفعاليات المهمة، التي تحتضنها عواصمها، سواء أكانت سياسية أم رياضية أم ثقافية، أم فنية، ذلك لأن مثل هذه الفعاليات تسهم في فتح آفاق مهمة، أمام البلد، ليس على الأمد القريب أو الآني وحسب، إنما على المديين المتوسط والبعيد، فمثل هذه الفعاليات من شأنها تقريب وجهات النظر، وتذويب الخلافات، وتفعيل حركة السوق، فضلا عن الجوانب السياحية وسواها، وتبذل تلك البلدان جهودا هائلة من أجل الظفر بفرصة تنظيم مثل هذه الفعاليات، كما فعلت قطر عندما فازت بتنظيم المونديال العالمي عام 2022.
وكلنا نتذكر الآفاق المهمة والأجواء الرائعة، التي أنتجتها بطولة خليجي 25 في البصرة الفيحاء عام 2023، وهي تضم ثماني دول فقط، فكيف سيكون الحديث عن القمة العربية الرابعة والثلاثين التي ستحتضنها عاصمتنا الحبيبة بغداد، يوم 17 آيار 2025، قمة تنعقد بمشاركة زعماء الدول العربية كافة أو من يمثلهم، وهي قمة سياسية اقتصادية، يسبقها ويرافقها وينبثق عنها الكثير من الفعاليات المهمة، في ظل ما يشهده العراق، من انطلاقة تنموية واضحة، لذلك فإن القراءة الاقتصادية لمخرجات القمة العربية ستكون بمستوى أهميتها، ليس على مستوى العراق، بوصفه الدولة المضيّفة، وحسب، بل ستشمل انعكاساتها جميع الدول العربية، خصوصا أنها تنعقد في ظل وجود تحديات هائلة، ذات صلة بالجانب الاقتصادي، تكتنف وتحيط المنطقة العربية، من بينها التحديات المناخية وتداعياتها الخطيرة، والزيادات السكانية وصلتها بالأمن الإنساني بنحو عام، والصراعات والحروب الداخلية والخارجية، وآثارها المخيفة في الواقع العربي، مع توفر إمكانات متباينة بين دولة وأخرى.
لذلك فإن ما ينتج عن قمة بغداد من شأنه أن يمنح دولنا العربية مساحة جيدة من جهة تحقيق التكامل الاقتصادي وتعزيز التعاون مع الجوار الإقليمي ودول العالم، بما تسمح به ظروف كل دولة منها، أما في ما يتعلق بالآثار الاقتصادية للقمة العربية في العراق، فهي مهمة جدا، فهذه أول قمة عربية تُعقد في بغداد بعد خروج العراق سالما معافى من حرب ضروس بوجه الإرهاب، أدّت تلك الحرب إلى رسم صورة مثيرة للقلق عند المستثمرين، فأن يأتي العرب اليوم بقضهم وقضيضهم، إلى بغداد، ليشاهدوا ما يشهده العراق من نهضة عمرانية واضحة المعالم، سيمثل رسالة مهمة، ليس للمستثمرين العرب وحسب، إنما سيتلقف هذه الرسالة المستثمرون الأجانب، وستكون مدعاة لخلق حركة استثمارية مهمة في جميع المجالات، ومثل هذه الحركة ستسهم في النهوض بالقطاعات الاقتصادية، مع انطلاق العمل في تنفيذ مشروع طريق التنمية الذي سيختصر المسافات ويقرّب وجهات النظر بين الدول العربية. ومن هنا يمكن القول، إن آفاقا اقتصادية مهمة ستنتجها قمة بغداد، ستحرك الكثير من المفاصل التنموية، في الزراعة والصناعة والسياحة، وسواها، كما أنها ستُبرز الدور المحوري للعراق، بوصفه قوة اقتصادية وسياسية مهمة على المستويين العربي والدولي.