في القلب وطن.. حين تصرخ الأرض من خاصرة المــوت

19 hours ago 2
ARTICLE AD BOX
  • القلوب تشتعل ألما في ظل العدوان الغاشم في القطاع
  • الغزيون يقاومون من أجل وطن يعاني قهرا واستبدادا

من بين الركام المشتعل، خرجت صرخة... ليست كأي صرخة، بل ولادة وجع من خاصرة المــوت، صوتٌ أنثويٌ مفجوع، تقطّر من حنجرة غزّية تكسوها غبرة القصف، وعينان تخزلهما الدموع... لا ضعفًا، بل لأنها شاهدت أكثر

مما تحتمل ذاكرة بشر.


اقرأ أيضاً : العيد مرّ من هنا... وشاطئ غــزة يغرق في صمت الأحزان


كانت تقف على بقايا بيتٍ ذات يومٍ كان ضحكة، وسقفًا، ومائدة عامرة بالشاي والحنّاء، بيت احتضن ليالي الشتاء وقصص الجدّة عن الزيتون و"أيام زمان".

 الآن لا شيء سوى الطين المحروق ورائحة الحديد المتفحم، والأسماء التي باتت أرقامًا في نشرات المساء.

رفعت رأسها نحو السماء... حيث الصواريخ لا تزال ترسم خطوط موتها في الهواء، وقالت للريح: "أنا لست ضحية... أنا ابنة الأرض، ابنة الحكاية، ومن بين هذا الرماد سأكتب سطري الأخير بيدي!"

تتذكّر يوم كانت تنام على صوت أمها وهي تهمس لها بقصائد عن العودة، وعن البيّارات المسروقة، يوم كانت تعتقد أن "النكبة" قصة عابرة تُقال قبل النوم، لا لعنة تورّث من رحمٍ إلى آخر.

عام نكبة مكرر 

وها هي الآن، في عام النكبة المكرر، تبكي ابنة أختها التي ماتت دون أن تفهم لماذا كانت الطائرات غاضبة إلى هذا الحد. تبكي أمّها، وقد وارتها التراب دون كفن. وتبكي نفسها، لأنها لم تمت، ولا تزال شاهدة على اجتراح الغياب

في كل زاوية.

في غــزة، الجوع له طعم الملح المالح في فم الأطفال، والعطش له لون الغبار، والمرض صدى يتردد في الأجساد الهزيلة دون دواء.

 تُفتح العيون كل صباح على سؤال وجودي: هل سننجو هذا اليوم؟ وهل الليل سيمر دون صاروخ أو فقد؟ حتى الماء، ذاك الذي يُقال إنه بلا طعم ولا لون، بات في غزة حلماً بعيد المنال، وتلك القارورة الصغيرة التي تسقي عطش

طفل، صارت أثمن من الذهب.

غــزة لا تموت، لأن صراخها صار ذاكرة سماوية. لأنّ كل صرخة تحت الركام هي قصيدة لا تموت، وإن كانت بلا ورق.

Read Entire Article