ARTICLE AD BOX
التباينات مع إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، والملف النووي الإيراني، وقضية "اليوم التالي" في غزة كانت محور مقابلة أجرتها صحيفة "معاريف" العبرية، مع السفير الإسرائيلي لدى واشنطن مايك هرتسوغ، والذي أنهى مؤخراً ثلاث سنوات معقّدة في منصبه. وفي المقابلة، التي نشرت اليوم السبت، على الموقع الإلكتروني للصحيفة، يحلل هرتسوغ التغييرات منذ تولي الرئيس الحالي دونالد ترامب، منصبه، محذراً من إغلاق نافذة الفرص مع الإيرانيين ومن احتلال إسرائيل لقطاع غزة، موصياً بالشروع في مباحثات مع المصريين ولاعبين آخرين من المنطقة لصياغة اليوم التالي للحرب المتواصلة.
وهرتسوغ هو باحث في مجال العلاقات الإسرائيلية الشرق أوسطية، وكان السفير الإسرائيلي الـ19 لدى الولايات المتحدة، وهو أيضاً شقيق الرئيس الإسرائيلي الحالي، يتسحاق هرتسوغ، ولا يزال هذه الأيام يقيم في الولايات المتحدة في فترة انتقالية، يتابع فيها خطوات الإدارة الأميركية من كثب في كل ما يتعلق بالمصالح الإسرائيلية، وفي مقدمتها المفاوضات حول البرنامج النووي الإيراني.
ونقلت الصحيفة عن هرتسوغ قوله "لدى ترامب أسلوبٌ ميّزه لعقود. سمعتُ عنه من أحد معارفنا المشتركين، وهو شخصٌ عمل معه في مجال الأعمال في نيويورك"، موضحاً أن أسلوب ترامب يقوم على "رمي قنبلة يدوية في الغرفة، يتصاعد الدخان على إثرها، وتحدث ضجة هائلة، ثم يبدأ بالتفاوض وانتزاع شروط لصالحه". والمثال على ذلك، يشير هرتسوغ إلى أن "هذا ما فعله عندما طرح فكرته لإخلاء (تهجير) غزة. فلولا ذلك، لما حشد الدول العربية لتقديم اقتراحات وخطط بديلة".
إسرائيل بعيدة عن تحقيق أهدافها في غزة
أمّا ما يخص إدارة الحرب على غزة، فاعتبر أن "إسرائيل بعيدة كل البعد عن تحقيق الأهداف الكاملة للحرب". وبحسبه "عسكرياً، هزمنا حماس بالفعل، وفككنا كتائبها، ووجهنا إليها ضربة موجعة. من الواضح أنها اليوم لم تعد قادرة على شن هجوم كما حدث في 7 أكتوبر/تشرين الأول، وعلينا التأكد من أنها لا تستطيع التعافي في هذا الاتجاه، لكن لا يزال أمامنا الكثير من العمل، ولا يزال أمام الجيش الكثير للقيام به داخل غزة". وأوضح أنه "قبل أسبوع واحد فقط، أعلن الجيش أنه لم يتمكن من تدمير سوى ربع البنية التحتية للأنفاق. لذا، ورغم كل التقدم الذي أحرزناه، لا يزال أمامنا الكثير من العمل".
ومع ذلك، فإن العائق الأكبر بحسبه "يكمن في القدرة على تفكيك حكم حماس في غزة. قلنا إننا لن ننهي الحرب وحماس تسيطر على غزة، لكننا ما زلنا بعيدين عن هذا الهدف. صحيح أن هناك مظاهرات ضد حماس اليوم، وأن الحركة تواجه تحديات لم تواجهها قبل 7 أكتوبر، لكن حماس لا تزال تحكم بقوة، ولم تحقق إسرائيل هدفها النهائي. لإطاحة حكمها".
وبينما تروّج الخطط العسكرية الإسرائيلية احتلالَ قطاع غزة، رأى هرتسوغ أن ذلك "سيكون خطأً استراتيجياً"، فالسير في هذا الاتجاه بحسبه "سيلقي العبء كله على كاهل إسرائيل التي لا ترغب في التعامل مع هذه الجبهة أيضاً، لأن لديها العديد من المشكلات الأخرى التي لم تُحل بعد، مثل إيران". وبحسبه "ينبغي بذل جهد لتشكيل تحالف إقليمي ودولي يأخذ في الاعتبار احتياجاتنا الأمنية... نحن في حاجة إلى البدء بإجراء مناقشات لصياغة اليوم التالي مع المصريين واللاعبين الآخرين. ولدينا إدارة ترامب، والتي أعتقد أنها ستكون سعيدة بالعمل معنا لتعزيز حكومة فلسطينية محلية ذات غلاف إقليمي ودولي، وليست حكومة حماس".
تراجع دعم الشباب الأميركي لإسرائيل
في غضون ذلك، تساءلت الصحيفة من أين نشأت "النزعة المعادية للسامية" في الجامعات الكبرى في الولايات المتحدة، وأيضاً بين عامة الناس؟ وما الذي يقوله ذلك عن الجيل القادم وموقفه من إسرائيل؟ ليجيب هرتسوغ "علينا أن نفكر في مستقبل الولايات المتحدة في السياق الإسرائيلي، لأن هناك اتجاهات لا تصب في مصلحتنا. فالولايات المتحدة تشهد تغيراً سياسياً وديمغرافياً، وستصبح دولةً تُشكّل فيها الأقليات الأغلبية، ومن بينها تيارات قوية جداً معادية لإسرائيل".
وأضاف "نشهد تراجعاً في دعم إسرائيل بين جيل الشباب في جميع استطلاعات الرأي، وليس فقط في الحزب الديمقراطي. لهذا السبب أعتقد أننا في حاجة إلى صياغة استراتيجية طويلة الأمد للتعامل مع هذه الظاهرة، إذ يجب ألا نعتبر الولايات المتحدة أمراً مسلماً به"، محذراً من "وضع كل البيض في سلة واحدة". والسبب بحسبه أنه "هناك اليوم رئيس جمهوري وإدارة متعاطفة، ولكن قد تتغير الأغلبية في أحد المجلسين خلال عامين، وربما خلال أربع سنوات ليكون هناك رئيس من حزب مختلف في البيت الأبيض... لا ينبغي لنا أن نكتفي بما حققناه، بل علينا أن نفكر في المستقبل، ولكن منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول أصبح صناع القرار لدينا أكثر انشغالاً بالحرب وأقل تفكيراً في مستقبل العلاقات الأميركية الإسرائيلية".
2025 عام مصيري في ما يخص الملف النووي الإيراني
وبشأن إيران، يقول هرتسوغ للصحيفة "أعتقد أن عام 2025 يجب أن يكون عام اتخاذ القرار والبت في القضية الإيرانية، سواء في الاتجاه الدبلوماسي أو العسكري". ويضيف "لأن المسألة حساسة من ناحية التوقيت؛ حيث وصل البرنامج النووي الإيراني إلى مرحلة خطيرة للغاية في ما يتعلق بالتخصيب"؛ ويدّعي أن "المواد النووية التي تمتلكها إيران تجعلها دولة على عتبة النووي. فمن تقارير الوكالة الدولية للطاقة الذرية، يظهر أن الكمية الإجمالية لليورانيوم المخصب في إيران قد تكون كافية لصنع 17 سلاحاً نووياً، سيستغرق الأمر بضعة أشهر، ولكن إذا قررت إيران إنتاج مواد انشطارية عسكرية لصنع قنبلة نووية واحدة، فسوف يستغرق الأمر أقل من أسبوع".
أمّا في ما يخص الخيار العسكري، فرأى هرتسوغ أن ترامب يتفاخر بأنه "يُنهي الحروب ولا يبدؤها"، مشيراً إلى أنه "من السابق لأوانه التكهن بما سيفعله في حالة كهذه، فهناك جدلٌ داخل إدارته حول الخيار العسكري. ثمة مؤيدون ومعارضون، بمن فيهم شخصيات مؤثرة تُحيط به ومعروفة بمعارضتها للخيار العسكري. وهناك من المحيطين بترامب من يخبرونه بأن إسرائيل تريد جره إلى الحرب. لا أعرف ما سيقرره. أتوقع أنه قد يدعم التدخل الإسرائيلي، ويدعم التدخل الأميركي بدرجة أقل، ولكن هناك العديد من الاحتمالات بينهما، وأعتقد أنه من السابق لأوانه الحكم على الأمر".
