ARTICLE AD BOX
علقت فرنسا وألمانيا، الجمعة على تهديد الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية إضافية بنسبة 50% على المنتجات الأوروبية، في وقت يخطط فيه الاتحاد الأوروبي للمضي قدماً في إعداد تدابير مضادة إذا فشلت المفاوضات التجارية مع واشنطن في تحقيق نتيجة مرضية. ورغم تأكيد دعوة فرنسا إلى احتواء التصعيد التجاري المحتمل بين واشنطن وبروكسيل، أكدت أن الاتحاد الأوروبي مستعد "للرد". وقالت ألمانيا إنها ستواصل دعم الاتحاد الأوروبي للتفاوض مع واشنطن. وفي المقابل، تسابق الدول والتكتلات التجارية الزمن لعقد صفقات مع ترامب لتجنب الرسوم الأعلى قبل انتهاء فترة التعليق المؤقت.
وهدد ترامب في منشور له على منصته الاجتماعية "تروث سوشيال"، الجمعة، بفرض رسوم جمركية بنسبة 50 % على الاتحاد الأوروبي تبدأ في الأول من يونيو/ حزيران، وهو ما سيؤدي على الأرجح إلى فرض ضرائب كبرى على واردات السلع الفاخرة والأدوية وغيرها من السلع التي تنتجها المصانع الأوروبية، بحسب رويترز. وأدى هذا التعليق، فضلاً عن تهديد آخر لآبل المصنعة للهواتف الذكية، إلى اضطراب الأسواق عالمياً بعد تراجع حدة التوتر على مدى الأسابيع الماضية.
وقال الوزير الفرنسي المنتدب للتجارة الخارجية لوران سان مارتين على منصة إكس إن "تهديدات ترامب الجديدة بزيادة الرسوم الجمركية لا تُجدي خلال فترة المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة. نحن نحافظ على النهج نفسه: احتواء التصعيد، لكننا مستعدون للرد". ومن جهته أكد وزير الخارجية الألماني يوهان فاديبول، الجمعة، أن تهديد ترامب لن يعود بالنفع على أي طرف وأن برلين ستواصل دعم الاتحاد الأوروبي للتفاوض مع واشنطن. وفي حديثه إلى جانب نظيره الهندي سوبرامانيام جيشينكار في برلين، أضاف فاديبول أن ألمانيا تأمل في أن يتوصل الاتحاد الأوروبي إلى اتفاق للتجارة الحرة مع الهند بحلول نهاية العام.
وقال وزير الخارجية الألماني إن المفوضية الأوروبية "تحظى بدعمنا الكامل في الحفاظ على وصولنا إلى السوق الأميركية. وأعتقد أن مثل هذه الرسوم لا تفيد أحداً. إنها ستلحق الضرر بالتنمية الاقتصادية في كلا السوقين". ومضى يقول "لهذا السبب، نواصل المفاوضات وندعم المفوضية الأوروبية. نريد الدفاع عن أوروبا وأسواقها مع ممارسة نفوذنا في (السوق) الأميركية في آن واحد".
خطط الاتحاد الأوروبي
ويخطط الاتحاد الأوروبي للمضي قدماً في إعداد تدابير مضادة إذا فشلت المفاوضات التجارية مع واشنطن في تحقيق نتيجة مرضية. وقد أعد التكتل خططاً لاستهداف صادرات أميركية بقيمة 95 مليار يورو (107 مليارات دولار) برسوم جمركية إضافية رداً على رسوم ترامب "المتكافئة" ورسوم بنسبة 25% على السيارات وبعض الأجزاء، بحسب وكالة بلومبيرغ الأميركية. وقال الباحث البارز في مركز الأبحاث بروغل، سيموني تاليا بييترا: "الاتحاد الأوروبي ملتزم بشدة بإبرام صفقة تجارية جيدة مع الولايات المتحدة، وتأتي تصريحات ترامب كدش بارد لبروكسل، ومع ذلك لا يزال هناك أمل في أن يكون هذا مجرد تكتيك تفاوضي جديد لزيادة الضغط على المحادثات".
لكن كانت هناك إشارات على أن المفاوضات لا تسير على ما يرام. حيث وصف أحد المسؤولين في الاتحاد الأوروبي الاقتراح الأميركي السابق بأنه "قائمة أمنيات من المطالب الأحادية وغير الواقعية"، حسبما ذكرت بلومبيرغ سابقا. ويهدف الاتحاد الأوروبي إلى التعاون مع الولايات المتحدة، ويسعى إلى صفقة متوازنة ومفيدة للطرفين. ومع ذلك، لا يزال العديد من المسؤولين والدول الأعضاء في الاتحاد متشككين في أن إدارة ترامب تشاركهم الأهداف نفسها. وكانت الدول الأوروبية قد وافقت في وقت سابق من هذا الشهر على تأجيل تنفيذ مجموعة منفصلة من الرسوم الانتقامية ضد الولايات المتحدة لمدة 90 يوماً بسبب رسوم ترامب بنسبة 25% على صادرات الصلب والألمنيوم الأوروبية. جاء هذا التأجيل بعد أن خفض ترامب ما يسمى بالمعدل "المتكافئ" على معظم صادرات الاتحاد الأوروبي إلى 10% بدلًا من 20% للفترة نفسها.
سباق صفقات
وتسابق الدول والتكتلات التجارية الزمن لعقد صفقات مع ترامب لتجنب الرسوم الأعلى قبل انتهاء فترة التعليق المؤقت. وقد نجحت المملكة المتحدة في تأمين اتفاق إطار أنقذ صناعة السيارات لديها، بينما توصلت الصين والولايات المتحدة إلى اتفاق لتقليل الرسوم المتبادلة التي كانت تهدد بوقف التجارة بين البلدين بالكامل. كما أشارت إدارة ترامب إلى أنها تتوقع سلسلة من الإعلانات الجديدة في الأسبوعين المقبلين.
وفي الساعات التي سبقت استهداف الاتحاد الأوروبي وآبل، أجرى ترامب اتصالاً هاتفياً مع رئيس وزراء اليابان شينغرو إيشيبا لمناقشة الرسوم الجمركية.
ومن المتوقع أن يصل المفاوض التجاري الياباني ريوسي أكازاوا إلى واشنطن قريباً لإجراء جولة ثالثة من المحادثات التجارية مع غرير ووزير التجارة هاورد لوتنيك، بحسب تقارير إعلامية يابانية. لكن ترامب أشار أيضًا إلى أنه لم ينتهِ من برنامجه الجمركي بعد، وألمح في أكثر من تصريح له خلال الأيام القليلة الماضية إلى نيته المضي قدماً في فرض ضرائب على واردات أشباه الموصلات والأدوية، وهدد بفرض رسوم على الأفلام الأجنبية وقطع غيار الطائرات. وقال وزير الخزانة الأميركي سكوت بيسنت إنه يتوقع إعلان صفقات تجارية مع دول أخرى قبل انتهاء فترة التجميد البالغة 90 يوماً التي فرضها الرئيس دونالد ترامب على الرسوم "المتبادلة" العالية التي أعلنها في الثاني من إبريل/نيسان.
وقال بيسنت في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز"، الجمعة: "هذه الصفقات تتحرك بسرعة، وأعتقد أنه كلما اقتربنا من نهاية فترة الـ 90 يوماً، رأينا المزيد والمزيد منها يُعلن." وأضاف: "العديد من الدول الآسيوية قدمت صفقات جيدة جدًّا." وأشار بيسنت إلى أن معظم شركاء الولايات المتحدة التجاريين يتفاوضون "بحسن نية كبير"، وأن الاتحاد الأوروبي هو "استثناء". وعلق بيسنت على تهديد ترامب قائلاً: "أعتقد أن هذا جاء رداً فقط على وتيرة الاتحاد الأوروبي."، وتابع: "آمل أن يؤدي هذا إلى إشعال الحماس داخل الاتحاد الأوروبي."
وقد كلف ترامب بيسنت بقيادة المفاوضات مع عدد من الشركاء التجاريين في آسيا، في حين تولى وزير التجارة هوارد لوتنيك قيادة المحادثات مع أوروبا. وكرر بيسنت رأيه في أن لدى الاتحاد الأوروبي "مشكلة في اتخاذ إجراءات جماعية" عند التفاوض، نظرًا إلى ضرورة التوصل إلى موقف موحد بين الدول الأعضاء المتعددة. ورفض بيسنت تحديد الدول التي من المرجح أن تعلن الولايات المتحدة صفقات معها في الأسابيع المقبلة، لكنه قال: "لقد تقدمنا كثيراً مع الهند." وأضاف أيضاً أن معدلات الرسوم الجمركية التي أعلنها ترامب في الثاني من إبريل/نيسان، والمعروفة باسم "رسوم يوم التحرير"، كانت "مبنية على أساس أن الدول تأتي إلينا وتفاوض بحسن نية".
(رويترز، فرانس برس، العربي الجديد)
