ARTICLE AD BOX

<p>تخطط إسرائيل لنقل سكان غزة إلى رفح وتخضعهم لتفتيش أمني قبل تسليمهم المساعدات (اندبندنت عربية - مريم أبو دقة)</p>
في وقت تستعد فيه مؤسسة "غزة الخيرية" لتوزيع المساعدات الإنسانية على الغزيين، تقترب إسرائيل من إنهاء تجهيز مدينة رفح لاستقبال النازحين الذين تنوي تهجيرهم من شمال غزة إلى أقصى جنوب القطاع.
وأقر الكنيست الإسرائيلي أخيراً خطة تصعيد جديدة في غزة وأطلق عليها اسم "عربات جدعون" وتقتضي حسم الحرب ضد حركة "حماس"، وذلك من طريق إعادة احتلال قطاع غزة بالكامل، ولتنفيذ هذه المهمة الصعبة تنوي تل أبيب تهجير جميع سكان غزة إلى مدينة رفح.
مخطط منظم
بحسب المخطط الإسرائيلي في "عربات جدعون" فإن تل أبيب تخطط لتهجير سكان غزة وحشرهم بين "محور فيلادلفي" الذي يربط غزة مع مصر، و"محور موراغ"، وما بين المحورين تقع مدينة رفح التي يشن فيها الجيش الإسرائيلي عملية عسكرية كبرى وواسعة بهدف تجهيزها لاستقبال النازحين.
ومنذ استئناف إسرائيل حربها ضد "حماس"، يعمل الجيش الإسرائيلي بقوة في رفح ووفق خطة منظمة، فهجر سكانها وبعد ذلك عزلها عن باقي مدن القطاع من طريق فتح محور موراغ، ثم بدأ بتدمير بنية "حماس"، إذ فجر الأنفاق التي تصل بين رفح وخان يونس لعزل المناطق عن بعضها، وقطع خطوط الحركة، وانتقل بعد ذلك إلى تدمير مباني المدينة وبنيتها التحتية، وأخيراً شرع بتجهيز مراكز لوجيستية لاستقبال النازحين.
رفح أصبحت غيتو
يقول مدير المكتب الإعلامي التابع لحكومة غزة إسماعيل الثوابتة إن "الجيش الإسرائيلي محا 90 في المئة من أحياء رفح السكنية، ويعمل على تجهيزها لتحويلها إلى مراكز إيواء نازحين". ويضيف "حولت إسرائيل مدينة رفح إلى غيتو، وجعلتها مناطق غير صالحة للحياة، لقد دمر الجيش 85 في المئة من شبكات الصرف الصحي، وأخرج 12 مركزاً طبياً ومستشفى عن الخدمة، ودمر ثماني مدارس وأكثر من 100 مسجد، وجرف عشرات آلاف الدونمات الزراعية، كما جرف 320 كيلومتر طولي من الشوارع بصورة كاملة، ودمر 30 مقراً حكومياً و22 بئر مياه".
ويوضح الثوابتة أن "خطة إسرائيل تتمثل في جعل رفح منطقة غير صالحة للحياة وعلى رغم ذلك تخطط لتهجير الغزيين إليها، هذا يعني تحويلها إلى غيتو لتنفيذ أهداف عسكرية وسياسية، وليس إلى منطقة إنسانية بغرض حماية المدنيين".
وتقدر مساحة مدينة رفح بـ60 كيلومتراً مربعاً وتمثل نحو 16 في المئة من إجمالي مساحة القطاع. ولا تستطيع هذه المنطقة وإن كانت ممهدة بالكامل استقبال 2.3 مليون شخص على أرضها حتى إذا عاشوا في معسكرات خيام.
تجهيزات أمنية… بوابات وكاميرات وأسلحة
بعد تدمير مدينة رفح وتحويلها إلى أرض قاحلة، شرعت إسرائيل في تجهيز المنطقة أمنياً، إذ عملت على تثبيت أسلحة رشاشة تعمل بطريقة آلية من بعد بواسطة الذكاء الاصطناعي، كما نصبت بوابات حديدية في محيط المحافظة وكاميرات مراقبة.
وتتجهز تل أبيب تتجهز لتحويل رفح إلى منطقة إنسانية لتوزيع المساعدات، ولكن بصبغة عسكرية، حيث أنشأ الجيش قرب معبر كرم أبو سالم مستودعات لتخزين المعونات، وبنى كرفانات لوضع الغذاء فيها وغرف خشبية للحراس التابعين لشركات أمنية خاصة.
وركبت إسرائيل في محيط كامل مدينة رفح كاميرات آلية تستخدم الذكاء الاصطناعي، وإلى جانبها نصبت أسلحة رشاشة يتم التحكم فيها من بعد، ثم دشن الجيش الإسرائيلي سوراً حول المدينة وركب بوابات حديدية إلكترونية، تضم أجهزة تفتيش وبصمة عين، وذلك بغرض تفتيش النازحين الذين سيجبرون على الانتقال إلى تلك المنطقة من أجل تسلم الغذاء.
ووفقاً لهيئة البث الإسرائيلية الرسمية "كان" فإن الجيش يعمل على إقامة مراكز لوجيستية بالتعاون مع مؤسسة "غزة الخيرية" لتوزيع الغذاء والمياه والأدوية على النازحين، كما يشغل نقاط تصفية أمنية بإشراف جهاز الشاباك (الأمن الداخلي) والجيش، مهمتها منع تسلل عناصر الفصائل المسلحة إلى "المناطق الآمنة".
وعلى رغم أن سفير الولايات المتحدة في إسرائيل مايك هاكابي قال إن مؤسسة خاصة تتولى مهمة توزيع المساعدات على الغزيين وأكد أن الجيش لن يتدخل في ذلك، فإنه لفت إلى أن القوات الإسرائيلية ستكون حاضرة من بعد وتراقب آليات التوزيع والمنطقة الإنسانية.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
معسكر اعتقال
يقول المتخصص في مجال السياسة بلال الباز إن "ما تفعله إسرائيل في رفح يعني تحويلها إلى غيتو تعزل فيه الغزيين قسراً داخل منطقة مغلقة تتحكم بالدخول والخروج منها عبر بوابات حديدية وتراقبها بالكاميرات وتطلق النار على المدنيين فيها، إنها تحول المدينة إلى سجن كبير". ويضيف "كانت الولايات المتحدة صريحة للغاية عندما أعلن سفيرها أن المساعدات ستتولاها مؤسسة بخاصة أن الجيش سيؤمن المكان أمنياً، وهذا يعني وضع السيطرة على المعونات في يد القوات الإسرائيلية، إنه حكم عسكري".
وأوضح الباز أن "إسرائيل تعمل على عسكرة الغذاء والدواء والنظافة، وفي الوقت نفسه تمهد الطريق للتهجير حيث تعد رفح البوابة الجنوبية للقطاع مع العالم الخارجي ولا مكان يربط غزة بالعالم سوى تلك المنطقة". ويشير إلى أن "ما ينفذه الجيش في رفح، تطبيق عملي للإبادة الجماعية، إذ حول المنطقة إلى مكان غير صالح للحياة عندما دمرها ودمر البنية التحتية فيها، ثم يخطط لدفع السكان للهجرة إلى ذلك المكان التالف، وكل ذلك ليخلق ظروفاً تشجع على الهجرة الطوعية من القطاع".
من جهته يرى مدير مركز عروبة للأبحاث الاستراتيجية أحمد الطناني في رفح "معتقلاً جماعياً فارغاً من المباني والبنية التحتية وله سور مزود بحراس وأسلحة إلكترونية"، قائلاً إن "المدينة مهيأة لأن تكون أرضية لخطط مستقبلية مرتبطة بالمخرجات الاستراتيجية للحرب على قطاع غزة". ويضيف الطناني "تعمل إسرائيل على تحويل رفح إلى مخيم كبير للنازحين، بحيث تستخدم المساعدات لهندسة المجتمع وتجاوز السلطات الحكومية في غزة، وتحفيز السكان على مغادرة مناطق سكنهم ليكونوا قرب محطات توزيع الغذاء".
أما من جهة إسرائيل فإن وزير خارجيتها جدعون ساعر قال "نحن نمنع ’حماس‘ من الاستيلاء على الغذاء"، أما المتحدث باسم الحركة، سامي أبو زهري فصرح بأن "هذه الخطة لن تنجح هناك تفاهمات أخرى مع الولايات المتحدة ونتطلع للوصول إلى صفقة تفشل ذلك".