ARTICLE AD BOX
د. عدالت عبدالله – السليمانية
علينا أن نشجّع أيّ إنجاز رسمي يسهم في استعادة هيبة العراق بين دول العالم، ويعزز مكانته المتأزمة جرّاء أحداث قاربت نصف قرن، لاسيما الحروب والصراعات التي خاضها النظام السابق، والتي أدت إلى إنهاك البلد ومحاصرته دولياً بعقوبات جسيمة أسفرت عن تراجع دوره المحوري في الدفاع عن القضايا العربية والإقليمية.
ولا مراء في القول إن حيادية مؤسسة رئاسة الجمهورية إزاء الصراعات الداخلية والخارجية بعد سقوط النظام البائد، والتزامها بالدستور وحمايته، وتبنّيها مفاهيم المواطنة، وتجاوز النزعات الطائفية والقومية، ساهمت في بناء ثقة المواطن بالدولة. وقد كان لتولي المكوّن الكردي إدارة هذه المؤسسة، ولاسيما في عهد الرئيس الراحل جلال طالباني (2005–2012)، دورٌ بارز في تعزيز هذا المسار، إذ انعكس ذلك إيجاباً على اهتمام المحيطين العربي والإسلامي بخطوات تعافي العراق والوثوق بإمكانية عودته إلى مكانته الحقيقية.
ويُلاحظ أن من خلف طالباني في هذا المنصب سار على نهجه، وخاصة الرئيس الحالي د. عبد اللطيف جمال رشيد، الذي يُعدّ من أبرز تلامذة “مدرسة مام جلال” في تبني الخطاب الوطني وتجنّب الوقوع في أفخاخ الصراعات الطائفية والقومية التي أرهقت البلاد وأهلها.
إن انعقاد القمة العربية الرابعة والثلاثين في العاصمة بغداد، برئاسة الرئيس العراقي، يأتي في ظل أحداث خطيرة وتحديات إقليمية متراكمة، إلى جانب تطورات دبلوماسية قد تُمهد لتحالفات وتجاذبات عربية وإقليمية معقدة. وتُعقد هذه القمة في وقت تشهد فيه المنطقة حروباً ومساعي للسلام، ولكن بأجندات متضاربة وأهداف غير متوافقة، مما يضع القمة أمام خيارات صعبة في بلورة مواقف وسياسات ناجعة.
ولا شك أن الحرب الإسرائيلية على غزة والضفة الغربية تتصدر جدول الأعمال، وتتطلب مواقف عربية موحّدة لا تخضع للإملاءات الخارجية التي كثيراً ما تُفرَض على الجميع.
ورغم صعوبة إدارة هذه القمة، إلا أنه يمكن لمؤسسة رئاسة الجمهورية، بالتنسيق مع الجهات المعنية في الدولة، أن تسهم في الخروج بمقررات عقلانية، سياسية ومبدئية، تعكس أهمية العراق كدولةٍ ومؤسسات، وتعزز دوره في دعوة الدول العربية إلى التمسك بما يخدم مصالح شعوبها وتطلعاتها، والحد من التشتت السياسي الذي غالباً ما يُستغَل من قِبَل القوى الأجنبية لصالحها، دون أدنى اعتبار لتداعياته الأمنية والسياسية والمجتمعية على الدول العربية والمنطقة بأسرها.