رأي خاص- في “كلّو مسموح” ابحرت سفينة كارول سماحة بانكسار ووصلت شاطىء العبقريّة بأمان

5 days ago 9
ARTICLE AD BOX

ركنت حزنها في باحة مسرح كازينو لبنان ودخلت مبتهجةً إلى صرحٍ عريق للفنّ، ارتدت فستان الشغف والاحتراف واعتلت مسرحًا لا يليق الا بمثيلاتها ممّن يتقنَّ لعبة الإبداع، فيتربّصن بالفنّ ويستدرجنه إلى قمّة تليق بجمهور ذكيّ وذوّاق .

مسحت آخر دمعة وهي ترتدي فستان افتتاح مسرحيّتها الجديدة “كلّو مسموح” الّتي تأجّلت بسبب الحرب في وقت سابق ولكن أبت كارول سماحة إلّا أن تعرضها الآن رغم مصابها الأليم بفقدان شريك حياتها الدّكتور وليد مصطفى الّذي أوصاها ألّا تلغي عرض مسرحيتها ان اصابه اي مكروه، فتأنّقت ووضعت ماكياجها ورسمت ابتسامة جميلة رغم زيفها وخرجت لتقابل جمهورًا احتشد ليؤاسيها فآستهم هي وجعلتهم يبتسمون طيلة ساعتَين من زمن ليس من هذا الزّمن السّطحيّ في كلّ شيء، في الفنّ والسّياسة وكل أشكال الحياة.

اعادت كارول سماحة للمسرح الاستعراضي بريقه وهيبته من خلال عمل عرض في برودواي لأوّل مرّة في العام ١٩٣٤ الّا أنّها اختصرت عمرًا بين ١٩٣٤ و٢٠٢٥ وانتصرت لإبداعٍ فريدٍ أرادته مرادفًا لشغفها فنجحت في استدراج التّصفيق والإعجاب والفخر…

ورغم قلب يعتصر ألمًا أثقله الفراق، أبى الجسد أن يخذل صاحبته، فبلغ ذروة قدرته على الاحتمال غير راغب الليلة في سلب نجمته  حلمها بالتّفرّد و التّألّق والتوهّج، فقدّمت كارول عرض العمر في ليلة لا شكّ في أنّها أهدتها لشريك أحلامها الّذي غادر قبل أن يصفّق لها في المقاعد الأمامية إلّا أنّ عينَيها استمرّتا بيأسٍ في البحث عنه بين الحشود .

غنّت، رقصت، شاغبت و”تعبقرت” كارول على المسرح، هل يوجد فعل “تعبقرَ” في اللغة العربية؟ وإن لم يكن موجودًا فرجاءً أوجدوه علّه يليق بهذه الفنّانة العبقريّة الّتي تفوّقت مرّة جديدة على نفسها، فهي لطالما تنافست مع نفسها فقط حينما انعدم المنافسون…

ساند ابطال السّفينة الّتي منها انطلق الحلم نجمتهم كارول سماحة أو ياسمينا في المسرحيّة وهم روي الخوري (أيضًا مخرج المسرحيّة) فؤاد يمّين، نزيه يوسف،جوي كرم،دوري السّمراني،نور حلو، ريجينا سيميونيدي و شربل السمّور، أما كلود طويلة ابو حيدر فهي كاتبة الاغنيات باللغة العربية، وكانوا خير سند لنجمة تحدّت روحها ودموعها ووقفت شامخة على خشبة اهتزّت أكثر من مرّة تحت قدمَيها، فكان لها ما شاءت. عرض سيترك بصمة في مسيرتها وسيكرّسها نجمة مختلفة بكلّ معايير الإبداع.

رافقت كارول على المسرح أوركسترا عزفت الموسيقى الحيّة تحت ادارة المايسترو ايليو كلاسي فأضافت حياة وروحًا إلى العمل الفنّيّ العبقريّ ونسجت اجواءً حالمة تسلّلت الى قلوب الحاضرين فأشعلتها حينًا واسكنتها حينًا آخر وفي كلتا الحالتَين أمتعتها بفيض جمال فنّيّ نادر.

جلست صديقات كارول السّيّدة ماجدة الرّومي والقديرة الهام شاهين والمبدعة كلوديا مارشليان في الصّفّ الأمامي فمددنها بالقوّة والشّجاعة والصّبر وصفّقن لها دون توقّف تعبيرًا عن دعمهنّ وتقديرهنّ واستغلّت إلهام شاهين وقت الاستراحة القصير لتزور كارول في الكواليس وتتأكّد أنّها بخير وتمدّها بالتّشجيع والثّناء.

سارع منتجو العمل (طارق كرم صاحب شركة Pipeline productions ونايلة خوري صاحبة شركة Back and force productions) إلى توجيه رسالة إلى الجمهور الحاضر في مسرح كازينو لبنان، رسالة دسّت في الكتيّب الخاصّ بالمسرحيّة إذ أهدوا العرض لروح الدّكتور وليد مصطفى الرّجل الّذي ترك أثرًا كبيرًا في عالم الإعلام مؤكّدين أنّ المسرح والموسيقى كانا دائمًا جزءًا من الّرابط الّذي جمع كارول وزوجها ومساحة من الحلم والفرح.

كارول سماحة، أيّتها النّادرة في زمن الاستهتار  والزيف والسّطحيّة، مبروك عليكِ الذّهب الّذي خطّ اسمك مرّة جديدة، فالذّهب يبقى ذهبًا كما تحدّثت في مقابلتك الأخيرة، فمسرحيّة “كلّو مسموح” ليست إلا مناسبة لنفض بعض ذرّات الغبار عن تحفة فنّيّة ذهبيّة نادرة، هي أنتِ…

بقلم باتريسيا هاشم

instdown

 

Read Entire Article