"داعش" في سورية... محاولة خروج من المخبأ

1 day ago 4
ARTICLE AD BOX

على الرغم من تراجع تنظيم داعش من الواجهة في سورية منذ سقوط نظام بشار الأسد، أواخر العام الماضي، في ظل إجراءات مشددة تتخذها وزارة الداخلية السورية التي تضع مسألة الضبط الأمني في البلاد ومواجهة التنظيمات المتطرفة في رأس أولوياتها، فإن "داعش" في سورية أعلن، أمس الأول الخميس، مسؤوليته عن هجوم استهدف القوات السورية في جنوب البلاد، في تطور هو الأول من نوعه منذ تسلّم أحمد الشرع رئاسة البلاد.

ونقل موقع "سايت"، المتخصص في مراقبة التنظيمات المتشددة، عن بيان نشره التنظيم عبر منصاته الإعلامية، أن "جنود الخلافة" زرعوا عبوة ناسفة فجّروها عن بُعد مستهدفين آلية تابعة لقوات "النظام السوري المرتد"، في محافظة السويداء. وأسفر التفجير الذي وقع يوم الأربعاء الماضي، عن مقتل مرافق لدورية استطلاع تابعة للفرقة 70 في "الجيش السوري الجديد"، وإصابة ثلاثة عناصر آخرين بجروح، يوم الأربعاء الماضي. ويُعد هذا التصعيد أول هجوم رسمي معلن للتنظيم ضد قوات الحكومة السورية الجديدة بعد فترة من الهدوء النسبي، شهدت خلالها مناطق الجنوب السوري انخفاضاً في وتيرة الهجمات.

وكانت وزارة الداخلية السورية، قد أعلنت قبل أيام، أنها ألقت القبض على عدد من عناصر "داعش" في ريف دمشق الغربي، وضبطت معهم كميات من الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والثقيلة، منها قواعد صواريخ وعبوات ناسفة وسترات انتحارية. وهذه العملية الثانية التي أعلنت عنها الوزارة منذ إسقاط نظام الأسد في ديسمبر/كانون الأول الماضي ضد "داعش" في سورية حيث تعاملت، في السابع عشر من الشهر الحالي، مع خلية في مدينة حلب، ما أدى إلى مقتل ثلاثة من عناصرها، إضافة إلى عنصر في جهاز الامن العام.
 

عبد الرحمن الحاج: خطر "داعش" لا يزال قائماً لكنه اليوم أضعف مما كان قبل سقوط نظام الأسد


وكان "داعش" وجّه تحذيراً واضحاً، في إبريل/نيسان الماضي، للرئيس السوري أحمد الشرع في حال قبوله انضمام سورية إلى التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، والذي تشكل من عدة دول في عام 2014 لمواجهة التنظيم المتطرف في سورية والعراق. وفي تصعيد إعلامي، شنّ "داعش"، في افتتاحية صحيفته الأسبوعية "النبأ" الصادرة في 16 مايو/أيار الحالي، هجوماً على الشرع، وذلك من خلال مقال بعنوان "على عتبة ترامب"، استنكر فيه لقاءه الأخير مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، واعتبره "خيانة للمنهج الجهادي".

ومطلع العام الحالي، أعلنت الإدارة الجديدة إحباط هجوم كان التنظيم ينوي شنه على منطقة السيدة زينب جنوب دمشق، في محاولة لم تنجح لخلط الأوراق في البلاد وجرها إلى دورات عنف على أسس طائفية ومذهبية. وقالت وزارة الداخلية، في حينه، إن "جهاز الاستخبارات العامة، بالتعاون مع إدارة الأمن العام في ريف دمشق، نجح في إحباط محاولة لتنظيم داعش للقيام بتفجير داخل مقام السيدة زينب". ويبدو أن التنظيم يحاول استغلال الأوضاع الأمنية التي تمر بها سورية خلال الفترة الانتقالية لتأكيد حضوره الدامي مرة أخرى. وسيطرت القوات التابعة للإدارة السورية على البادية بشكل كامل، ما خلا جيوباً قليلة يُعتقد أن خلايا التنظيم تتخذها ملاذاً ومنطلقاً لشن هجمات.

خلايا لتنظيم "داعش" في سورية

ويبدو أن لتنظيم داعش خلايا في مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، لا سيما في ريف دير الزور الشرقي شمال نهر الفرات، إضافة إلى "ذئاب منفردة"، ربما تستغل ثغرات أمنية لتنفيذ هجمات. ولا توجد معلومات يمكن الركون إليها لعدد عناصر "داعش" في سورية إلا أنه يُعتقد أن نحو ألف عنصر ينتشرون في مناطق داخل البادية السورية مترامية الأطراف، وربما لديهم خطوط إمداد من صحراء الأنبار غربي العراق.

وبُعيد سقوط الأسد بأيام، شن التنظيم عدة هجمات على أهداف في البادية، بيد أن التحالف الدولي شن هجمات جوية على مواقع له ربما لعبت دوراً في إضعاف قدرته على القيام بعمليات واسعة النطاق، لا سيما في مناطق سيطرة الدولة السورية. ولكن "قسد" تعلن بين وقت وآخر عن إحباط محاولات التنظيم لشن هجمات في مناطق سيطرتها في شمال شرق سورية. ونفذت قوات التحالف الدولي قبل أيام إنزالاً جوياً في البادية السورية، فاندلعت اشتباكات مع خلايا لتنظيم داعش أدت إلى مقتل عدد غير معروف منهم، ما يؤكد أن للتنظيم حضوراً في بادية دير الزور يمكّنه من شن هجمات في حال عدم التعامل معه من قبل الجيش السوري الجديد.

امتلاك "داعش" القدرة على شن هجمات


عرابي عبد الحي عرابي: انتشار داعش في البادية يعطيه قدرة على التخفي


وأعرب الباحث في شؤون الجماعات الإسلامية عبد الرحمن الحاج، في حديث مع "العربي الجديد"، عن اعتقاده أن "داعش" في سورية لا يزال يمتلك القدرة على شن هجمات داخل المدن، "وهذا يعني أن خطره لا يزال قائماً، لكنه اليوم أضعف مما كان قبل سقوط نظام الأسد". وبيّن الحاج أن الوقائع أثبتت أن الكثير من العمليات الإرهابية التي شهدتها البادية السورية في السنوات التي سبقت سقوط نظام الأسد، ونسبت للتنظيم، خصوصاً تلك المتعلقة بالمدنيين والرعاة، "كانت تقوم بها قوات النظام والمليشيات الإيرانية التي كانت تنتشر في عموم البادية قبل السابع من ديسمبر من العام الفائت".

وتابع: "لقد عاينت بنفسي الإجراءات التي قامت بها الإدارة السورية الجديدة للضبط والمراقبة الفعالة في البادية". وبيّن أن القوات الحكومية "نشرت حواجز تفتيش على الطرق، ووضعت على التلال مجموعات مراقبة مزودة بتقنيات اتصال تساعد على مواجهة أي خرق بسرعة كبيرة"، مضيفاً: خلافاً لما هو شائع، فإن تضاريس البادية تُمكن السيطرة عليها، فهي ليست معقدة ووعرة. وبرأيه، فإن "الانتقال إلى عمليات داخل المدن مؤشر على تغير في تكتيكات التنظيم"، مضيفاً أن العمليات ضد "قسد" في شرق وشمال شرق البلاد، انخفضت أيضاً بسبب السيطرة التي قامت الحكومة بها في البادية. وأشار إلى أن "العمليات الأخيرة التي قامت بها قوات الأمن التابعة للحكومة ضد خلايا داعش في سورية أثبتت مدى هشاشته وتراجع قدراته"، مضيفاً: بالتأكيد، فإن التنسيق مع الأجهزة الاقليمية والدولية لمواجهة التنظيم يمثّل عاملاً مهماً ساعد الحكومة في التضييق عليه ومنعه من النشاط وتقويض قدراته.

وكان من ضمن الشروط الأميركية لرفع العقوبات المفروضة على سورية تعاون الإدارة في مكافحة الإرهاب، وخصوصاً "داعش" في سورية كما طلبت منها استلام السجون التي تضم عشرات الآلاف من موقوفي التنظيم والتي تديرها "قسد" في الوقت الحالي. ويستفيد "داعش" في سورية بحسب الباحث السياسي عرابي عبد الحي عرابي في حديث مع "العربي الجديد"، من عدة عوامل لتنفيذ هجمات داخل الأراضي السورية. وتابع: "انتشاره في البادية الواسعة من هذه العوامل، ما يعطيه قدرة على التخفي". وبرأيه، لدى التنظيم قدرات على استمرار نشاطه، مضيفا: "للتنظيم خلايا أمنية نشطة، لكنه يواجه قيوداً كبيرة بعد سقوط نظام الأسد، أبرزها: فقدان العدو المركزي الذي كان يحفّز التعبئة الدعائية والشرعية الدينية.

ومن القيود الأخرى المفروضة على التنظيم، تشديد الملاحقة الأمنية من الفاعلين الجدد وهم أكثر مرونة وتفرّغاً لمواجهته"، وفق عرابي الذي رأى أن "انعدام الحاضنة الشعبية بعد تجربة "دولة الخلافة" القاسية والضربات النوعية التي أضعفت قيادته ومراكزه اللوجستية تقلل من فرص التنظيم لشن هجمات. وباعتقاده، فإن "التنظيم تراجع من حالة الانتشار إلى حالة الكمون والاستنزاف، مع بقاء الخطر الأمني قائماً في مناطق الفراغات الأمنية والحدود".

Read Entire Article