ARTICLE AD BOX
يواجه تجمّع خربة أقواويس، الواقع في مسافر يطّا، أقصى جنوب الخليل، جنوبيّ الضفة الغربية موجة جديدة من الاعتداءات الاستيطانية الممنهجة التي تستهدف البنية التحتية الأساسية لمقوّمات الحياة، ضمن مخطط لتهجير الأهالي، إذ كان آخر تلك الاعتداءات من المستوطنين، بعد منتصف الليلة الماضية عبر تخريب ثلاث مراوح كهربائية تُستخدم في تشغيل محولات الطاقة وتخزين الكهرباء وتزويد الخربة بها. وبحسب ما قال طالب النعامين، أحد ممثلي خربة أقواويس، لـ"العربي الجديد"، فإن ذلك أدى إلى انهيار شبه كامل في نظام الطاقة المستخدم للخربة، ولم يبق في التجمع سوى مروحة كهربائية واحدة تزوّده بالطاقة، ما يجعله خلال ساعات اليوم أمام مصير انقطاع الكهرباء بالكامل، خاصّة بعد أن وقع الاعتداء الليلة الماضية للمرة الثالثة خلال أسبوعَين على نظام الطاقة الكهربائي في الخربة، وبات التجمع الذي يضم نحو 32 عائلة، يعتمد على مروحة واحدة فحسب لا تكفي لسد احتياجاته، الأمر الذي يهدّد بانقطاع شامل للكهرباء في أي لحظة.
ويؤكّد النعامين أن اعتداءات المستوطنين لا تقتصر على البنية التحتية، بل تمتد إلى الاعتداء الجسدي والتخريب اليومي. وأوضح في هذا السياق: "يومياً يطلق المستوطنون قطعان أغنامهم على أراضينا الزراعية، ويهاجمون السكان بالعصي، لا سيّما في ساعات الليل إذ يتزايد عددهم، وبعد تخريب الكهرباء، يسعى المستوطنون لاستهداف خطوط المياه أيضاً بهدف قطع سبل العيش عن السكّان الذين لا يقلّ عددهم عن 150 مواطناً يعيشون بلا خدمات بعد قطع الكهرباء اليوم".
ويعتبر المتحدث أن واقع الخربة "كارثي"، مشيراً إلى أن هذه الاعتداءات المتكررة تهدف إلى إجبار الأهالي على مغادرة أراضيهم، وتهجيرهم منها.
الاعتداءات المتكرّرة تهدف إلى إجبار الأهالي على مغادرة أراضيهم
ومضى قلائلاً: "يومياً يطلق المستوطنون قطعان أغنامهم على أراضينا الزراعية، ويهاجمون السكان بالعصي، لا سيّما في ساعات الليل المتأخرة كما جرى الليلة الماضية بعد الساعة 12 من منتصف الليل، إذ يتزايد عدد المستوطنين في تلك الساعات الذين يحملون السلاح معهم".
ويتابع: "منذ بداية الحرب على غزة، أقام المستوطنون أكثر من خمس بؤر رعوية جديدة في محيط الخربة وعلى أراضيها، لا تبعد معظمها عنا سوى مئات الأمتار لا تزيد عن كيلومتر واحد، وفي هذه البؤر يجري توفير الكهرباء والمياه وتعبيد الطرق، بينما نحن يُخربون لنا كل مقومات الحياة، حتى أغنامنا لم تسلم، فقد سرقوها، وجاءوا بها لاحقاً لرعيها في أراضينا".
ويلفت النعامين إلى أن المستوطنين في هذه البؤر الجديدة يتّسمون بالتطرف ويحملون السلاح، ويهاجمون السكان على نحوٍ شبه يومي تحت حماية الشرطة والجيش الإسرائيلي.
وفي تفصيل أدق للواقع هناك، وصف المصدر ذاته المشهد بالقول: "نعيش ظروفاً قاسية للغاية، نحن محاصرون من جميع الاتجاهات، ونقيم في كهوف وخيام وغرف طوب مسقوفة بالحديد، الطرق المؤدية إلى الخربة مغلقة، ويُمنع دخول المركبات أو استخدامها، حتى الجرار الزراعي مُصادر وتمنع الحركة فيه، ولم يتبقَ لنا سوى التنقل على ظهور الحمير، وننتقل بهم من التجمع إلى المناطق المجاورة للحصول على حاجاتنا الأساسية اليومية".
وينتقد النعامين غياب الدعم من الجهات الرسمية الفلسطينية نتيجة تكرار عشرات الاعتداءات منذ مطلع العام الجاري، ويقول إنه "منذ بداية الاعتداءات الأخيرة، لم يزرنا أي وزير أو مسؤول، نحن نشعر بأننا تُركنا وحدنا في وجه هذا التصعيد"، ويشير إلى أنه منذ أواخر يناير الماضي، حتى اليوم يذهب مضطراً لمركز الشرطة الإسرائيلي في مستوطنة كريات أربع المقامة على أراضي الفلسطينيين شرقي الخليل، وذلك على خلفية مشاركته في التصدي لاقتحام المستوطنين بحماية الجيش وقع على سكّان التجمع في 22 يناير/كانون ثاني الماضي، على إثره في ذلك الوقت أُصيب خمسة مواطنين نقلوا لتلقي العلاج في المستشفى، واعتُقل اثنان، وفرض الاحتلال لاحقاً على المُعتدى عليهم غرامة مالية بقيمة عشرة آلاف شيقل، إضافة إلى منعهم أمنياً من دخول الأراضي المحتلة.
خربة محاصرة بين مستوطنتَين
بدوره، يوضح الناشط ضد الاستيطان من مسافر يطا، أسامة مخامرة في حديث مع "العربي الجديد"، أن خربة أقواويس محاصرة بين مستوطنتَين رئيسيتَين "ميتسبي يائير" الواقعة إلى الجنوب الشرقي من الخربة والتي أُنشئت عام 1969 ويؤدي إليها شارع التفافي فصل الخربة عن عمق أراضيها الجنوبية؛ ومستوطنة "سوسيا" من الجهة الغربية، كما أُقيمت بؤرة استيطانية جديدة في الخربة على أراضيها الجنوبية، ما جعل الخربة تعيش في طوقٍ استيطاني حوّل الخربة إلى منطقة معزولة، حسب المصدر.
ويلفت مخامرة إلى أن سكّان الخربة يمتلكون وثائق رسمية تُثبت ملكيتهم لمئات الدونمات من الأراضي، إلّا أن سلطات الاحتلال تمنعهم من استخدامها أو الوصول إليها، وعلاوة على ذلك يمارسون موجات اعتداءات على الخربة عبر إحراق المساكن والكهوف، وتدمير الممتلكات الخاصة، وهدم حظائر الأغنام، ضمن مسار واضح لتهجير السكان لصالح التوسع الاستيطاني في مناطق "ج" الخاضعة للسيطرة الأمنية الإسرائيلية، وكونها من تجمعات مسافر يطا المهدّدة بالترحيل القسري بعد القرار الإسرائيلي الصادر في 4 أيار/مايو 2022 التي اعتبرها مناطق عسكرية "منطقة إطلاق النار 918".
