جولة ترامب الخليجية

8 hours ago 1
ARTICLE AD BOX

أجرى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، خلال الفترة 13-16 lمايو/ أيار 2025، أول جولة خارجية رسمية له منذ تولّيه الحكم في 20 يناير/ كانون الثاني 2025، شملت السعودية ودولة قطر والإمارات، وركّزت على إبرام صفقات تجارية ضخمة معها؛ إذ رافقه عديدون من كبار رجال الأعمال الأميركيين. وعلى الرغم من التركيز على الجانب الاقتصادي، فقد تناولت الزيارات قضايا أخرى مهمة، أبرزها قرار ترامب رفع العقوبات عن سورية، ولقاؤه برئيس الإدارة الانتقالية السورية أحمد الشرع، في الرياض. وقد عبّرت جولته واللقاءات الرفيعة المستوى التي أجراها في العواصم الخليجية الثلاث عن رغبة مشتركة في بناء شراكات تجارية وعسكرية وتكنولوجية كبرى. وبدا في بعض الحالات أنه لم يتحرّر من خطاب الدعاية الانتخابية وركّز على شخصه وإنجازاته، وهاجم الإدارات السابقة وسياساتها.
الاتفاقات الموقّعة
تناولت الاتفاقات، التي وقّعتها الولايات المتحدة وعدة شركات وطنية مع الدول الخليجية الثلاث، مجالات مختلفة في حقول الطاقة، والدفاع، والذكاء الصناعي والبنى التحتية، والاستثمار، والتعليم، والتجارة، والصحة. وبلغت القيمة الإجمالية المعلنة لهذه الصفقات أكثر من تريليونَي دولار، فقد تعهّدت السعودية باستثمار 600 مليار دولار في الولايات المتحدة، مع إمكانية رفع هذا المبلغ إلى تريليون دولار، في حين وقّعت الإمارات مشاريع استثمارية بقيمة 1.4 تريليون دولار تمتد على مدى عشر سنوات، أما قطر فتوصلت إلى اتفاقات للتبادل التجاري مع الولايات المتحدة بقيمة 1.2 تريليون دولار، بما في ذلك الطاقة. وعلى الرغم من الأجواء الاحتفالية التي رافقت توقيع الاتفاقات، خصوصاً من ترامب، فإن بعض هذه الاتفاقات ليس جديداً، وقد أُثيرت شكوك حول قيمتها الفعلية وإمكانية تنفيذها، لا سيّما في ظل انخفاض أسعار النفط. ووفقًا لتقديرات وكالة رويترز، فإن القيمة الإجمالية للصفقات المتوقع تنفيذها خلال السنوات العشر المقبلة تقدّر بنحو 740 مليار دولار. ويُتوقّع أن يستغرق تنفيذ بعضها، مثل طلب قطر شراء 210 طائرات من طراز "بوينغ"، وصفقة الأسلحة السعودية مع الولايات المتحدة البالغة قيمتها 142 مليار دولار، عقوداً.

تمثل مقاربة ترامب البعيدة من مزاعم نشر الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان قطيعة مع السياسات التقليدية لواشنطن

مقاربة براغماتية
انطلق ترامب في جولته الخليجية هذه من مبدأ "أميركا أولاً"، وهو شعار حملته الانتخابية الذي صار الموجِّه الرئيس للسياسة الخارجية لإدارته. وعبّر عن قناعته بأن إبرام الصفقات التجارية مع دول الخليج، وتدفق الاستثمارات إلى الولايات المتحدة لتعزيز اقتصادها، أفضل من التورّط في نزاعات مكلفة في الشرق الأوسط. وانطلاقًا من هذا التصوّر، حرص خلال خطابه في منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي في الرياض على إدانة المقاربة التدخّلية (Interventionism) التي لجأت إليها إدارات أميركية سابقة وقوى غربية أخرى بذريعة "بناء الدول".
وبحسب ترامب، "من يوصفون ببناة الدول دمّروا، في النهاية، دولاً أكثر من التي بنوها، وكان التدخّليون يتدخّلون في مجتمعاتٍ معقّدة لم يفهموها هم أنفسهم". وفي هذا الإطار، حثّ شعوب المنطقة على "رسم مصائرها بطريقتها الخاصة"، من دون "محاضراتٍ" من أحد حول "كيفية العيش"، وشدّد على أن "التحوّلات العظمى" التي تشهدها بعض الدول الخليجية لم تكن نتيجة "التدخّلات الغربية، أو من يسمّون بناة الدول، أو المحافظين الجدد، أو المنظمات الليبرالية غير الربحية، مثل الذين أنفقوا تريليونات الدولارات من دون تطوير كابول وبغداد، وغيرهما كثير من المدن. بل إن ولادة الشرق الأوسط الحديث جاءت على يد شعوب المنطقة نفسها [...] الذين طوروا بلدانهم ذات السيادة، وسعوا وراء رؤاهم الفريدة، ورسموا مصائرهم بأنفسهم". ويضيف أن ثمّة اليوم "جيلاً جديداً من القادة يتجاوزون صراعات الماضي القديمة وانقساماته البالية، ويصنعون مستقبلًا يُعرَّف فيه الشرق الأوسط بالتجارة، لا بالفوضى؛ ويُصدِّر التكنولوجيا، لا الإرهاب".
تمثل مقاربة ترامب التعاقدية، البعيدة عن مزاعم نشر الديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، قطيعة كاملة مع السياسات التقليدية للولايات المتحدة في المنطقة، وخاصة مع سياسة إدارة الرئيس السابق جو بايدن التي شهدت خلالها علاقات واشنطن مع دول الخليج نوعًا من الفتور. لكنّ التغيير الذي طرأ على المقاربة الأميركية نحو دول الخليج، والشرق الأوسط عمومًا، في إدارة ترامب الثانية لم يقتصر على التباين مع إدارة بايدن، بل يشمل أيضًا اختلافات واضحة مقارنةً بإدارته الأولى. ففي حين اقتصرت زيارة ترامب الأولى إلى المنطقة عام 2017 على السعودية، التي كانت حينئذ أول وجهة خارجية له بعد توليه الرئاسة، فقد شملت زيارته الثانية قطر والإمارات أيضاً. ويُسجَّل كذلك أنه تجاهل زيارة إسرائيل في جولته أخيراً، بخلاف جولته الأولى التي انتقل فيها مباشرة من الرياض إلى تل أبيب، وهو ما فعله أيضاً الرئيس بايدن خلال زيارته المنطقة عام 2022.

من المرجّح أن تتحول بعض المطالب الأميركية لرفع العقوبات عن سورية شروطاً تفاوضية

وعلى الرغم من أن ترامب حثّ السعودية على الانضمام إلى الاتفاقيات الإبراهيمية والتطبيع مع إسرائيل، فإنه لم يجعل من ذلك أولوية، ولم يشترط ربط أيٍّ من الاتفاقات الاقتصادية أو الصفقات العسكرية بذلك. وتشير تقارير وتسريبات متعدّدة إلى وجود تباين في الأولويات، وربما توتر مكتوم بين إدارة ترامب وحكومة بنيامين نتنياهو، إذ إن انطلاق ترامب من مقاربة "أميركا أولاً" ولّد حالة من "الإحباط" لدى نتنياهو إزاء تفاعلات السياسة الأميركية في الشرق الأوسط. وفي المقابل، يعرب مسؤولون في إدارة ترامب، في أحاديث خاصة، عن استيائهم من نتنياهو بسبب إفشاله مساعي الرئيس للوفاء بوعدٍ كان قد قطعه في حملته الانتخابية بإنهاء الحرب في قطاع غزّة. ومع ذلك، لا يمكن الحديث عن خلافات استراتيجية بين ترامب ونتنياهو، أو عن اختلاف مبدئي بين الولايات المتحدة وإسرائيل في هذه المرحلة؛ فترامب، وإن كان قادرًا على وقف مخططات نتنياهو العدوانية في غزّة، لا يُبدي رغبة في ذلك، ولا يعدّه أولوية. وهو لا يختلف مع نتنياهو في الهدف المتمثل في القضاء على حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في غزّة، لكنه يرفض أن يُملي عليه نتنياهو سياسات الولايات المتحدة الإقليمية برمّتها، ويفضّل، في الوقت نفسه، تجنّب الدخول في حرب مع إيران. أما بخصوص سياسات ترامب في الخليج، وعدم التدخل في قضايا حقوق الإنسان وغيرها، فلا يسجَّل خلاف بشأنها مع نتنياهو، باستثناء ما قد يكون من تحفّظ عن تقارب ترامب مع القيادة القَطرية، التي يقود ضدها اللوبي الإسرائيلي ونتنياهو حملةً في الولايات المتحدة. وتجدر الإشارة إلى أن قطر هي الدولة التي ألحّت على وقف الحرب على غزّة في المحادثات مع ترامب خلال زيارته الخليجية.
ويبدو أن ترامب عازم على المضي في أجندته التي تركّز على الصفقات التجارية والاستثمارية في المنطقة وتهيئة الظروف الملائمة لنجاحها، حتى لو تطلّب ذلك تجاوز إسرائيل. ويندرج ضمن هذا التوجه انخراط إدارته في المفاوضات النووية مع إيران، رغم معارضة نتنياهو لها، إضافة إلى اتفاق وقف إطلاق النار بين الولايات المتحدة وجماعة أنصار الله (الحوثيون) في اليمن، والذي لم يتضمّن اشتراطات بعدم التعرض للسفن الإسرائيلية في البحر الأحمر أو قصف إسرائيل بالصواريخ. كذلك، خاضت إدارته مفاوضات مع حركة حماس، بوساطة قطرية ناجحة، لإطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الحامل للجنسية الأميركية، عيدان ألكسندر، من دون التنسيق مع إسرائيل، الأمر الذي أدى بنتنياهو إلى تصعيد وتيرة قصف غزّة بعد إطلاق سراحه. وأخيراً، إعلان ترامب رفع العقوبات عن سورية ودعوته إلى تطبيع العلاقات مع دمشق تحت رئاسة الشرع الذي تتّهمه إسرائيل بأنه "جهاديّ". وعلى الرغم من أن ترامب نفى وجود توتر في العلاقة مع إسرائيل، وتأكيد نتنياهو من جانبه على متانة هذه العلاقة، مستندًا إلى أنّ ترامب لم يضغط على إسرائيل لعدم التصعيد في غزّة خلال زيارته المنطقة، أو إدخال المساعدات الإنسانية إليها كما وعد في حال إطلاق "حماس" سراح عيدان، فإن ذلك كله لم يُخفِ وجود نوع من التوتر الكامن في علاقتهما. ولكنه ليس توتّراً سياسيّاً أو استراتيجيّاً، بل يُعزى إلى توقّعات مفرطة لدى نتنياهو بشأن ما كان يأمل أن يفعله ترامب. وهو ما تنشغل به الصحافة الإسرائيلية، ولا سيما الأصوات الناقدة لنتنياهو التي تضخّم الخلاف، متجاهلةً أن الولايات المتحدة قد رفعت جميع القيود على مبيعات الأسلحة إلى إسرائيل، وأطلقت يد نتنياهو ووزير أمنه في غزّة.

يمنح تماسك الحزب الجمهوري وتوحده خلف ترامب قوة كبيرة له في رسم السياسة الخارجية، من دون الالتفات إلى قيود داخلية حدّت من قدرة رؤساء سابقين على الحركة

العلاقة مع سورية
انعكست الطبيعة البراغماتية والتعاقدية في شخصية ترامب أيضاً في قراره المفاجئ، حتى لبعض مسؤولي إدارته، برفع العقوبات عن سورية ولقائه الرئيس الانتقالي أحمد الشرع في الرياض، في 14 أيار/ مايو، بوساطة تركية - سعودية. وقد برّر ترامب قراره باعتباره دعماً "لحكومة جديدة نأمل أن تنجح في تحقيق الاستقرار في البلاد وحفظ السلام"، واصفاً العقوبات بأنها "وحشية ومعوِّقة، وحان الوقت لتنهض سورية". وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة تصنّف الشرع "إرهابيّاً"، كما تصنّف هيئة تحرير الشام التي يتزّعمها منظمة إرهابية، فإن عوامل متعدّدة ساهمت في إقناع ترامب بلقائه، من أبرزها دور الهيئة في إسقاط نظام الأسد، وإخراج إيران من سورية، إضافة إلى علاقات الشرع الجيدة مع السعودية والإمارات، والدعم التركي، واستعداده للتفاوض مع إسرائيل والتعاون في محاربة الإرهاب.
وتشير المعطيات المتوافرة إلى وجود معسكرين في إدارة ترامب فيما يتعلق بمقاربة الملف السوري. الأول الذي يمثّله مجلس الأمن القومي الأميركي، يتبنّى موقف الحذر ويدعو إلى الانتظار وعدم الوثوق بالشرع وحكومته استناداً إلى تاريخه، والمعسكر الثاني الذي تمثّله وزارة الخارجية، يرى ضرورة المسارعة إلى ملء الفراغ الذي خلّفه سقوط الأسد، منعاً لعودة روسيا وإيران إلى بناء نفوذ جديد في سورية. ويعدّ لقاء ترامب بالشرع، وإعلان رفع العقوبات عن سورية، بمنزلة انتصار مقاربة المعسكر الثاني الذي سهّل الشرع مهمّته من خلال سلسلة من الخطوات أقدم عليها كي يحظى بدعم واشنطن لإعادة إعمار سورية، شملت اعتقال مسلحين أجانب، والتواصل من خلال وسطاء مع إسرائيل، وإبداء الاستعداد لإبرام صفقات تسمح لشركات النفط والغاز الأميركية بالقيام بالعمل في سورية. وفي بيان رسمي، أعلن البيت الأبيض أن ترامب طلب من الشرع المساعدة في منع عودة تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام "داعش"، و"تولّي مسؤولية" مراكز احتجاز عناصره في شمال شرق سورية، إضافة إلى ترحيل فصائل المقاومة الفلسطينية الموجودة في سورية، وحثّه على التطبيع مع إسرائيل. ولا شك في أن عملية رفع العقوبات لن تكون فورية، إذ من المرجّح أن تتحوّل بعض المطالب الأميركية إلى شروط وضغوط تفاوضية، ولكن رفع بعضها على الأقل بمرسوم رئاسي، سيّما التي تمنع التحويلات المالية، سيسهم في إنعاش الاقتصاد السوري.
العامل الصيني
ثمّة عامل آخر شديد الأهمية يؤكد البعد البراغماتي والعملي في مقاربة ترامب جولته في المنطقة وتركيزه على الصفقات التجارية والاستثمار، ويتعلق بالمنافسة التجارية والتكنولوجية مع الصين، وتحديد صاحب اليد العليا في المنافسة على كسب النفوذ داخل الخليج. وتبرُز، في هذا السياق، مسألة مدى استعداد إدارة ترامب لرفع القيود المفروضة على بيع مئات آلافٍ من أشباه الموصلات المتقدّمة (الرقائق الإلكترونية) إلى الإمارات والسعودية. ومن هذا المنطلق، أصدر ترامب قرارًا بإلغاء "قاعدة انتشار الذكاء الاصطناعي" التي وضعتها إدارة بايدن، وفرضت بموجبها قيوداً على تصدير أشباه الموصلات المتقدمة إلى دول شملت الإمارات والسعودية، إضافة إلى الهند والمكسيك وإسرائيل وبولندا ودول أخرى خشية "تسريبها" إلى الدول المعادية، وخاصة الصين. وتدرس إدارة ترامب حاليّاً صفقة محتملة لتوريد مئات آلاف من أكثر شرائح الذكاء الاصطناعي الأميركية تطوّراً إلى شركة G42، وهي شركة إماراتية متخصّصة في الذكاء الاصطناعي، كانت قد قطعت صِلاتها بالشركاء الصينيين تمهيدًا للدخول في شراكة جديدة مع الشركات الأميركية. كما أعلن البيت الأبيض عن صفقات أخرى مع السعودية تضمنت التزاماً من شركة Humain، وهي شركة ذكاء اصطناعي في الرياض مملوكة للدولة، ببناء بنية تحتية للذكاء الاصطناعي باستخدام مئات آلاف من شرائح Nvidia الأميركية المتقدّمة على مدى السنوات الخمس المقبلة.
وتؤكد تقارير أميركية أن دخول إدارة ترامب في مفاوضات مع الإمارات والسعودية حول الشراكة في تكنولوجيا الذكاء الصناعي يشير إلى ترجيح الكفّة لصالح الرأي القائل إن تعزيز التفوق التجاري والتكنولوجي الأميركي على الصين يتطلّب مثل هذه الشراكة والاستثمارات. ويمثّل هذا التوجّه الموقف الذي تتبنّاه الرياض وأبو ظبي، اللتان تؤكّدان أنه إذا كانت الولايات المتحدة تسعى إلى شراكتهما، وتطالب بتقييد علاقاتهما التكنولوجية المتقدمة مع الصين في سياق سباق التسلح العالمي في الذكاء الاصطناعي، فإن على واشنطن القيام بدورها في رفع القيود المفروضة على تقنياتها. وفي المقابل، لا يزال هناك تيار داخل إدارة ترامب يرى أن شراكةً مثل هذه تحمل مخاطر جمّة حول إمكانية تسرّب التقنيات الحيوية إلى الصين.

لم تسفر زيارة ترامب عن انفراجة في قطاع غزّة، فرغم استيائه المعلن من نتنياهو لم يتخذ خطوات لوقفه

خاتمة
يمنح تماسك الحزب الجمهوري وتوحده خلف الرئيس ترامب قوة كبيرة له في رسم السياسة الخارجية، من دون الالتفات إلى القيود الداخلية التي كانت تحدّ من قدرة رؤساء سابقين على الحركة. ويشمل ذلك قراراتٍ بارزةً منها تخلّيه عن الدعم المطلق لأوكرانيا، وتأييده المحادثات المباشرة مع إيران حول برنامجها النووي. بل إن نتنياهو الذي لم يتردد في تحدي الرئيس الأسبق باراك أوباما وكذلك بايدن في ملف المفاوضات النووية مع إيران وملفات أخرى، التزم الصمت إزاء قرار ترامب استئناف المفاوضات مع إيران، وتفاوضه مرتين مع حركة حماس من دون تنسيق مع إسرائيل، وتوصله إلى اتفاق وقف إطلاق النار مع الحوثيين، واعترافه لاحقًا بحكومة الشرع في سورية. وتجسد هذه الخطوات السابقة مجتمعة، إلى جانب جولته الخليجية والصفقات التي عقدها خلالها، مقاربة ترامب لشعار "أميركا أولًا". ومع ذلك، لا ينبغي أن يحجب هذا التوجه بُعدًا آخر يتمثّل في الطابع الشخصي المحتمل لتحرّكات ترامب ومكاسبه، خاصة في ظل تركيزه على الصفقات التجارية والاستثمارية، بدلًا من المصالح الاستراتيجية الأوسع للولايات المتحدة في الشرق الأوسط. فالمنطقة باتت موطناً لمشاريع عديدة جديدة لشركات عائلة ترامب، بما في ذلك أبراج ترامب السكنية في دبي وجدّة. كما قدّم صندوق استثماري إماراتي دعمًا لعملة ترامب الرقمية في وقت سابق من هذا العام. ويبدو أن دول الخليج تنظر إلى الطابع التعاقدي والبراغماتي لترامب باعتباره فرصة لها لتعزيز تحالفاتها الاستراتيجية والأمنية والاقتصادية مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، تبقى الإشارة ضرورية إلى أن زيارة ترامب المنطقة لم تسفر عن أيّ انفراجة في ملف قطاع غزّة؛ فعلى الرغم من استيائه المعلن من التصعيد العسكري الإسرائيلي هناك، فإنه لم يتخذ أيّ خطواتٍ فعلية للضغط على نتنياهو لوقفه.

Read Entire Article