جائزة الكومار الذهبي.. تتويج للتجريب وتساؤلات عن الدور

4 hours ago 3
ARTICLE AD BOX

أظهرت نتائج الدورة التاسعة والعشرين لجائزة "كومار الذهبي" للرواية في تونس، التي أعلن عنها مساء السبت الفائت، عن فوز الكاتب شفيق الطارقي بجائزة الرواية باللغة العربية عن عمله "لمن تجمع وردك يا مكرم"، فيما فاز الكاتب مهدي الحيزاوي بالجائزة ذاتها عن الرواية باللغة الفرنسية عن روايته "Écris, tu seras aimé des dieux".

وشهدت الجائزة، التي تُعدّ من أبرز الجوائز الأدبية في تونس، مشاركة واسعة بلغت 76 رواية (55 باللغة العربية و21 بالفرنسية)، وهو عدد وصفه مراقبون بـ"القياسي" مقارنة بالدورات السابقة، رغم أنه لا يعكس الحجم الفعلي للإنتاج الروائي التونسي الذي يشهد توسّعاً ملحوظاً.


أسماء جديدة وتجريب لافت

تميّزت هذه الدورة بتنوّع في الأسماء والتجارب، إذ شارك عدد من الأصوات الشابة إلى جانب كتّاب مخضرمين. ورجّحت لجنة التحكيم هذه السنة كفة الأعمال التي تميل إلى التجريب في البناء والأسلوب، دون الإخلال بمتعة السرد والتمسّك بجوهر الحكاية.

مشاركة واسعة بلغت 76 رواية، 55 بالعربية و21 بالفرنسية

وفي هذا السياق، منحت لجنة التحكيم جائزتها الخاصة في فئة الرواية العربية للكاتب سفيان رجب عن روايته "أصحاب الهدهد"، بينما نال الكاتب عبد اللطيف مرابط الجائزة الخاصة في فئة الرواية الفرنسية عن "Le Vert et le Bleu".

أما في فئة الاكتشاف، فقد فازت الكاتبة بلقيس خليفة عن روايتها "نافذة على الشمس" باللغة العربية، والكاتبة هدى مجدوب عن "Écoute-moi ma fille" بالفرنسية.


بين الحكاية والشعر

والرواية الفائزة "لمن تجمع وردك يا مكرم" هي العمل السردي الثالث للروائي والشاعر شفيق الطارقي، بعد روايتيه "لافازا" و"بربرا". ويُعد العمل مغامرة سردية تتقاطع فيها الحكاية بالشعر، وتخوض في بنية الرواية من داخلها، عبر استدعاء أجناس أدبية متعددة ومساءلة الواقع الثقافي التونسي بما يحمله من تشوّهات وجراح. يقول الطارقي "ورود مكرم ورود لا يستكنه عبيرها وشوكها إلا من ضُرب في الهجرات والنصوص وقضايا النقد. لقد كُتب النصّ بالدم وبما في الروح من حرائق. قد يُوصف بأنه تجريبي، وقد يتحمّس له البعض ويحتار فيه آخرون، لكنه في النهاية هو هو".


نقاش متجدّد حول المعايير والتوزيع

رغم نجاح الجائزة واستمرارها لما يقارب ثلاثة عقود، فإنها لا تزال تثير تساؤلات سنوية حول معايير التتويج، وتمثيلها الحقيقي للمنجز الروائي التونسي، خصوصاً في ظل ظاهرة "استسهال الكتابة" وانتشار دور النشر التجارية التي لا تعتمد تحريرا أدبياً ولا لجان قراءة.

كما يطرح مراقبون مسألة ضعف التسويق للأعمال المتوجة، التي تظلّ محصورة التداول داخل أوساط نخبويّة محليّة، دون أن تحظى بفرص للترجمة أو الانتشار العربي، رغم أنّ العديد منها يمتلك مقومات المنافسة على نطاق أوسع.

وتدعو أصوات أدبية إلى تطوير الجائزة برفع قيمتها المادية (حالياً في حدود 3000 دولار)، وتوسيع نطاقها العربي عبر تخصيص فرع للمشاركة من خارج تونس، أو عبر بناء شراكات مع دور نشر ووسائل إعلام عربية.

تبقى جائزة كومار تجربة مهمة في الساحة الثقافيّة التونسيّة رغم حاجتها الملحة إلى الدعم والتطوير والخروج من شرنقة المحلّيّة، وهي دليل قاطع على تجدّد دماء الرواية التونسية باللغتين العربية والفرنسيّة، ومحفّز لمزيد من الإبداع وطرح قضايا العالم بجرأة وعمق، تستحقّ اهتماماً نقديّاً يواكب تحوّلاتها المتسارعة وتراكمها الضخم حتّى تتحوّل من منجز فرديّ إلى ظاهرة ثقافيّة جامعة.


* كاتب من تونس

Read Entire Article