انتهاء مهلة الانضمام إلى الجيش السوري: ما مصير المجموعات المتخلّفة؟

1 day ago 4
ARTICLE AD BOX

انتهت أمس الثلاثاء المهلة التي حددتها وزارة الدفاع السورية لمجموعات عسكرية للانضمام إلى الجيش السوري، ما يفتح الباب أمام "إجراءات حاسمة" توعّدت الوزارة باللجوء إليها كيلا يبقى أي سلاح في البلاد خارج سيطرتها. وأكد وزير الدفاع السوري مرهف أبو قصرة، في حديث لقناة الإخبارية السورية بُث الاثنين الماضي، على مهلة عشرة أيام حددتها الوزارة في السابع عشر من الشهر الحالي لـ"المجموعات العسكرية الصغيرة" للالتحاق بركب الفصائل والمجموعات التي انضوت في الجيش السوري. وكان أبو قصرة قد حذر من "أي تأخير في هذا الصدد سيستلزم اتخاذ الإجراءات المناسبة وفق القوانين المعمول بها"، في إشارة إلى أن الوزارة لن تتساهل مع أي سلاح خارج سيطرتها. وبيّن أبو قصرة أن المهلة، التي من المفترض أنها انتهت أمس الثلاثاء، لا تشمل "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد) كونها وقّعت اتفاق مبادئ مع الرئيس السوري أحمد الشرع في مارس/آذار الماضي من أجل دمجها في المؤسسة العسكرية السورية خلال مدة زمنية أقصاها نهاية العام الحالي. وبيّن أن بعض التجمعات الصغيرة بدأت بالفعل بمراجعة الوزارة لإلحاقها في بنية الجيش التنظيمية، مشدداً على أن الوزارة لن تسمح بوجود أي جهة خارج سلطة الوزارة. وأوضح أن نحو 130 فصيلاً عسكرياً دخلوا ضمن الهيكلية التنظيمية للوزارة، مشيراً إلى أن الوزارة تعمل على صيانة وإعادة تأهيل المؤسسات التعليمية العسكرية وتعديل مناهجها، وإعادة دمج الضباط المنشقين "وفق رؤية جديدة تقوم على الإنصاف والاحترافية".

وزارة الدفاع اتفقت مع أكبر الفصائل في السويداء على دخولها في قوام الجيش

وكان مدير العلاقات الإعلامية في وزارة الدفاع عدي العبد الله أوضح في تصريحات صحافية نُشرت قبل أيام أن أبرز الفصائل التي شملتها عمليات الدمج في الجيش السوري: هيئة تحرير الشام، وأحرار الشام، وجيش الإسلام، وصقور الشام، وفيلق الشام، والجبهة الشامية، وفرقة السلطان مراد، وأحرار الشرقية، وفرقة الحمزة، وفرقة سليمان شاه، وفصائل الجيش الوطني الأخرى، والجبهة الوطنية للتحرير التي كانت تضم فصائل في شمال غربي سورية، وفصائل حوران (درعا).

الفصائل الكبرى في الجيش السوري

ودخلت هذه الفصائل وزارة الدفاع بشكل إفرادي لا كتلا عسكرية كاملة، كي يصبح ولاء العناصر للجيش وليس للفصيل أو للمجموعة التي ينتسب لها. وشكلت الوزارة عدة فرق عسكرية في مختلف المناطق السورية قوامها الفصائل التي "استشعرت أهمية المرحلة ومتطلباتها"، وفق أبو قصرة. واحتاجت وزارة الدفاع السورية عدة أشهر لحل عقدة فصيل "اللواء الثامن" الذي كان يقوده أحمد العودة في ريف درعا الشرقي، والذي وافق أخيراً على تسليم سلاح فصيله والاندماج في هيكلية وزارة الدفاع. ولم تستطع الوزارة إقناع كل الفصائل والمجموعات في محافظة السويداء إذ ما تزال بعض الفصائل ترفض الاندماج في الجيش السوري لـ"انعدام الثقة" لديها في الإدارة السورية ككل.

وأوضحت مصادر مطلعة لـ"العربي الجديد" أن وزارة الدفاع اتفقت مع أكبر الفصائل في السويداء على دخولها في قوام الجيش، وأبرزها: حركة رجال الكرامة التي يقودها الشيخ يحيى الحجار، لواء الجبل الذي يقوده شكيب عزام، تجمع أحرار جبل العرب بقيادة سليمان عبد الباقي، ومضافة الكرامة التي يقودها الشيخ ليث البلعوس. وأشارت إلى انه "أُرسلت قوائم المنتسبين إلى وزارة الدفاع في دمشق"، مضيفة: لا معلومات لدينا عن عدد العناصر التي وافقت عليه الوزارة. كما أوضحت المصادر أن "أغلب الشباب في العشائر البدوية في محافظة السويداء انضووا في وزارة الدفاع إما عن طريق الشيخ البلعوس أو عن طريق درعا، أو دمشق".

في المقابل، هناك فصائل لا تزال خارج الاتفاق مع الوزارة منها تلك المرتبطة بالشيخ حكمت الهجري، شيخ عقل الطائفة الدرزية، ستندرج ضمن ما سمّي بـ"الحرس الوطني" وهو تشكيل قيد التأسيس خارج مظلة وزارة الدفاع، بحسب المصادر. وبيّنت المصادر أن فصائل منضوية في "المجلس العسكري" في السويداء لا تزال هي الأخرى خارج هيكلية الوزارة، موضحة أن هناك مجموعات تابعة لعائلات كبيرة في المحافظة مثل "مجموعة بيت عامر"، و"مجموعة بيت الحلبي"، لكن لا تأثير عسكرياً لها على الأرض.

عبد الله الأسعد: المجموعات التي منحتها وزارة الدفاع مهلة للانخراط في المؤسسة العسكرية يتبع بعضها بشكل أو بآخر لـ"قسد"

وأوضح الباحث السياسي وائل علوان، في حديث مع "العربي الجديد"، أن أغلب الفصائل المسلحة السورية "باتت ضمن وزارة الدفاع"، مشيراً إلى أن المجموعات التي طلب منها أبو قصرة سرعة الاندماج في الجيش السوري "هي صغيرة موجودة في محافظات جنوب سورية (درعا، السويداء، القنيطرة)، وأخرى موجودة في البادية لم تنخرط بعد في الوزارة". وتابع: "استراتيجية وزارة الدفاع تقوم على ألا سلاح خارج الدولة، فهي التي تحتكره وهي الجهة الوحيدة التي تستخدم العنف ضمن القوانين. أعتقد بعد انقضاء المهلة سنشهد مرحلة أشد في التعامل مع المجموعات والسلاح خارج إطار الدولة".

معضلة "قسد"

إلى ذلك، لا تزال "قسد"، سلطة الأمر الواقع في شمال شرقي سورية خارج هيكلية وزارة الدفاع السورية، فالتفاوض معها لا يزال قائماً على أساس اتفاق مبادئ وقّعه في مارس الماضي الشرع مع قائد هذه القوات مظلوم عبدي، من أجل دمجها في المؤسسة العسكرية السورية خلال مدة زمنية أقصاها نهاية العام الحالي. ولكن من المتوقع أن يواجه تطبيق هذا الاتفاق معوّقات عديدة، لا سيما أن هذه القوات تطالب بدخول الجيش كتلةً واحدة وأن تبقى في أماكن سيطرتها في شمال شرقي سورية وهو ما ترفضه وزارة الدفاع.
وبيّن المحلل العسكري العميد عبد الله الأسعد، في حديث مع "العربي الجديد"، أن المجموعات التي منحتها وزارة الدفاع مهلة للانخراط في المؤسسة العسكرية تشمل مجموعات تتبع بشكل أو بآخر لـ"قسد"، وهناك مجموعات في الجنوب السوري تعمل في تجارة المخدرات والسلاح. وأشار إلى أنه سيتم التعامل مع هذه المجموعات "بشكل قتالي"، خصوصاً تلك المرتبطة مع "قسد"، بعد الانتهاء من تطبيق الاتفاق مع الأخيرة التي أبدت موافقة على الاندماج في الجيش السوري.

من جهته، رأى الخبير العسكري ضياء قدور، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "إدارة التنوع الفصائلي في سورية يتطلب خطة وطنية جامعة ومنهجية"، معرباً عن اعتقاده أن الخبرات التي تمتلكها هذه الفصائل "ستكون ميزة إيجابية في الجيش السوري الجديد". وأشار إلى أن المسار مع "قسد" ذات الصبغة الكردية "يسير ببطء"، معرباً عن اعتقاده أن الانفتاح الأميركي على الإدارة السورية "كفيل بسحب كل الذرائع من يد هذه القوات، ما يمهّد الطريق أمام استعادة الدولة السورية على شمال شرقي سورية". واستبعد قدور لجوء وزارة الدفاع السورية إلى القوة في التعامل مع المجموعات في محافظة السويداء والتي لم تنضوٍ في الجيش، مضيفاً: الحفاظ على الأمن الداخلي والسلم الأهلي في سورية أولوية لدى الحكومة.

Read Entire Article