ARTICLE AD BOX
بعد أسابيع من إعلان مسؤولين عراقيين في العاصمة بغداد امتلاء الصوامع ومخازن الحبوب بعموم مدن البلاد، بالقمح نتيجة الوفرة غير المسبوقة التي حققتها البلاد من القمح والشعر والذرة، لجأت الحكومة العراقية إلى تقديم هبات بكميات كبيرة من المحصول إلى عدة دول عربية، وهي اليمن وسورية ولبنان، وأخيرا تونس، وسط تأكيدات أن العراق سيعلن قريبا عن هبة لمصر.
الهبات التي قدمتها الحكومة العراقية من القمح والتي بلغ إجماليها نحو ثلاثة أرباع مليون طن، سببت موجة من الجدل السياسي فجرتها أحزاب ونواب معارضون لرئيس الوزراء محمد شياع السوداني. وأعلنت الحكومة العراقية بالتتابع التبرع بـ 250 ألف طن من الحنطة إلى اليمن، 300 ألف إلى سورية، و50 ألف طن إلى تونس، و200 ألف طن إلى لبنان، وبحسب مصادر لـ"العربي الجديد"، فإن الحكومة كانت قد شرعت بالتبرع بالحنطة إلى مصر، لكنها تريثت بالقرار بسبب "الهيجان الإعلامي" لنواب وقوى في "الإطار التنسيقي"، الحليف لإيران، والذين أخذوا بالتصعيد ضد الحكومة لغايات أغلبها انتخابية.
وشن عدد من البرلمانيين العراقيين حملة للكشف عن أسباب هذه التبرعات، بضمنهم النائب مصطفى سند، الذي اعتبر الهبات التي قدمتها الحكومة لتلك الدول بأنها نابعة من مصالح متهما وزير التجارة بإحداها، رغم أن الهبات جميعها كانت عبر بيانات من رئاسة الحكومة وليس وزير التجارة. وتسبب هذه التعليق بجدلٍ عراقي وإعلامي، وتحديداً من الخصوم السياسيين والأحزاب غير المتفاهمة حالياً مع حكومة محمد شياع السوداني، التي لم ترد بصورة رسمية لغاية الآن عن ملف التبرع والهبات إلى الدولة العربية.
لكن المستشار السياسي في رئاسة الحكومة العراقية، فادي الشمري، قال إن العراق منح القمح لدول عربية بناءً على حاجتها، مبيناً في تصريحٍ متلفز، أن "العراق أنتج ستة ملايين ونصف مليون طن من الحنطة، وما تبرع به العراق لا يساوي شيئاً من الرقم المنتج، وأن العراق يمارس دوره الأبوي تجاه دول الجوار والدول الشقيقة".
وكان وزير الموارد المائية عون ذياب، قد أكد في مارس/ آذار الماضي، أن "العراق يشهد فائضاً بمحصول الحنطة، ولذلك قرر مجلس الوزراء التبرع بمحصول الحنطة إلى لبنان واليمن". مؤكداً في تصريح نقلته الوكالة العراقية الرسمية (واع)، أن "توسع الخطة الزراعية لهذا العام لمساحات تصل إلى مليونين ونصف المليون دونم، وأن هذه الأراضي لها تأثير كبير على زيادة الإنتاج الزراعي".
ارتفاع محصول القمح في العراق
وتواصل "العربي الجديد"، مع مصدرين من وزارتي الزراعة والتجارة، وأكدا ما ذهب إليه وزير الموارد المائية العراقي، وقالا إن الحكومة العراقية شعرت بمسؤولية عربية دفعتها إلى التبرع خاصة مع وجود فائض كبير عن حاجة العراق. وأضاف أحدهم وهو مدير عام بوزارة الزراعة: "الصوامع والمخازن بلغت حالتها القصوى في الامتلاء من المحصول، والفلاحون قريبا سيبدؤون تسويق محصول موسمهم الجديد، ولا مكان لهذا المحصول".
وأضاف المسؤول الذي طلب عدم ذكر اسمه، أن " قرارات التبرع بالحنطة أسهمت في عدم تلف كل المحصول العراقي من الحنطة، بل لو لم يحدث التبرع للدول العربية لكان تعرض المحصول المخزون إلى الضرر، بسبب الرطوبة والعفن وغيرها من العوامل الطبيعية".
بينما قال مستشار رئيس الوزراء العراقي، عائد الهلالي، لـ"العربي الجديد"، إن "جهات معروفة وأحزابا سياسية وشخصيات تسعى إلى ضرب كل جهود الحكومة، وأن الهجمة على حكومة السوداني بدأت قبل شهرين تقريباً من أطراف نالت من السوداني بعد اللقاء مع الرئيس السوري أحمد الشرع في الدوحة ولم تنته باختلاق القصص الكاذبة بشأن التبرع بمحصول الحنطة للدول العربية وتتواصل لغاية الآن من أجل إفشال القمة العربية التي من المقرر أن تعقد في بغداد خلال الأيام المقبلة".
وأكمل الهلالي في اتصالٍ مع "العربي الجديد"، أن "العراق يتبرع للأشقاء العرب منذ أشهر وأعوام، ليس فقط على مستوى الحنطة، بل بالمواد الغذائية والطبية والوقود وغيرها، لكن توقيت الهجمة يدل أن هناك انزعاجا سياسيا من مضي الحكومة بمشاريعها رغم المعوقات والتحديات، وأن أحزاب معروفة لا تريد للقمة العربية أن تنجح، وتحاول اختلاق المشكلات السياسية لتعطيل عمل الحكومة العراقية".
فيما أشار الناشط السياسي العراقي أحمد الساعدي إلى أنه "ربط القمة العربية التي تستضيفها بغداد بالأيام المقبلة، وهبات القمح، بعيد جدا عن الواقع"، مبينا لـ"العربي الجديد"، أن "التفسيرات بهذا الشأن غير صحيحة، والدليل أن سورية حصلت على 300 ألف طن، رغم الضغط بشأن حضور الرئيس السوري أحمد الشرع والتصعيد الذي تشنه بعض القوى ضدهم".
وأعلنت وزارة الزراعة العراقية، الأسبوع الماضي، أن خطة السنة الحالية ستحقق الاكتفاء الذاتي لمحصول الحنطة، وهو العام الثالث على التوالي، الذي ينجح العراق في الاكتفاء الذاتي وتحقيق فائض بالإنتاج، نتيجة خطة شراء مباشرة من الفلاحين وبأسعار مريحة وطريقة تسليم سهلة من قبل الحكومة العراقية. وقال المتحدث باسم الوزارة الزراعة، محمد الخزاعي أن "5 مليون دونم مزروعة حاليا بالحنطة منها 1660000 دونم أراضٍ سيحية و3440000 صحراوية.. وأن مجلس الوزراء صوّت على تصدير الفائض الذي تحقق بالسنة الماضية الذي يقدر بأكثر من مليون ونصف المليون طن".
