الغاز الإيراني و الفرصة التاريخية

6 days ago 5
ARTICLE AD BOX

ثامر الهيمص

نعم الغاز الايراني بات درسا، بل قاسيا وضعنا في حرج شديد ووضع الحليف الامريكي في الاشد انسانيا واخلاقيا. اذ لا زال الغاز الايراني يتدفق باريحية عالية الى تركيا, فبطلت الحجة.
وهكذا بلا رتوش، فايران كما يقال جار العمر، اي جار الجغرافية والتاريخ، وهكذا تركيا والجيران العرب, حيث علاقتنا التجارية معهم اقل من الجارتين غير العربيتين, وذلك بنفس المسبب, اي العلاقة الجغرافية, حيث الفاصل او العازل الصحراوي, ربما كان سببا. اوالعامل التاريخي, حيث الهيمنة التاريخية العثمانية عززت من خلال نظام الولايات الثلاث, بغداد الموصل والبصرة وحواشيها العربية. ولكن ايران لها عوامل قوة في العلاقة مع عراق مابعد تأسيس الدولة بعد الحرب العالمية الاولى, بموجب معاهدة سايكس بيكو. كدولة حديثة بموجب معاهدة ويستفاليا عام 1648, اذ لديها اطول الحدود معنا عابرة للبعد المذهبي والبعد القومي, قياسا بابعاد غيرها.
فليس غريبا ان نتاجر مع ايران في ضوء الجدوى الاقتصادية, قياسا بالمستورد من الابعد, سيما وانها في حصار ذقناه قبلها من ذات الفاعل. والاغرب ان الفاعل الحليف الان يعاملنا بشكل مختلف عن حليف جارلنا. والاكثر غرابة اننا كحكام ونخب وبرلمان, لم نسع مبكرا ولحد قريب جدا ان نعمل بالبديل الجاهز عراقيا, من حيث توفر المواد الاولية الخام لعشرون عام خلت؟ الى ان بلغت السكين الحناجر.
فما هو الدرس من عبرة الغاز الايراني’ الذي بات مجرد عقوبة امريكية على من يزاحم على الشرق الاوسط, قبل نكبة غزة وبعدها و للحد من تغلل النفوذ الصيني او عرقلتة, من خلال طريق الحرير, وعراقيا من جهة مشروع الفاو الكبير الممتد لتركيا, سيما وانه الان العلاقة مع اوروبا اختلفت في ظل ترامب.
فالدرس مبدئيا علينا الرجوع الى الف باء المنطق والحقائق, حيث لا عذر لعدم توفير الطاقة الكهربائية, اذ حجة الفساد رغم فعاليتها لتصبح تحصيل حاصل, و لم تعد كافية لغلق ملف التقصير. ولكي نستفيد من الدرس, ينبغي تهيأة الحاضنة للنجاح, والا يفسد بيضنا ثانية.
فالحاضنة النظيفة متروكة في مرحلة العذاب الماضي, واهم عناصرها هو الكفاءة الوطنية سياسيا وفنيا, وبما ان الحاضنة الكهربائية الغازية, لا تعمل في فراغ لا يمكنها العمل بدون اشعاعها في محيطها, اذن الاستعانة بالغير ممن لدولته مصلحة, حيث سبق لسامسونك وجنرال الكتريك ان حاولتا. اذن العودة في ضوء المنظورمحتمل, اذا لم يسمح للصين ان تأخذ الامر (كرسته وعمل) وبتدريب وصقل كوادرنا مهنيا واحترافيا, بسقف زمني مضغوط اي 24ساعة / يوم, بغاز عراقي وشبكة عربية او تركية او ايرانية (جطلات) بالتظافر مع الشركة الصينية. قد يقول سياسي ما, اني احلم في ضوء الاحتدام والتوتر وزئبقية جداوال المصالح. نعم هذا اذا افترضنا اننا الرجل المريض. في حين لا يشرف اي سياسي هذا اللقب, على الاقل لحماية غنائمه وربما مستقبله, ان تطابق قوله وعمله. سيما وان البرغماتية هي لغة العصر السياسية, في ظل ديمقراطيات تراوح في خانة الهويات الفرعية ربما حتى عالميا كما نلمسها في تصاعد اليمين في اورويا وامريكا.
فاذا اتخذنا مبدا المواد الخام العراقية اولا بكادر عراقي وضمن الستراتيجية الوطنية اولا ايضا والاهم الخروج من شرقنة المحاصصة [بأسم الفدرلة التي جربت فكان ما كان وليس في قديم الزمان. فالديمقراطية لا تعوضها كبديل الفدرلة, كما لا تغطيها المحاصصة, المعروف ادائها, على الاقلل من خلال 9000 عقار حكومي متجاوز عليها من قبل منظمات وكتل سياسية, فيما جرى بيع الاملاك الحكومية بسعر لا يتجاوز 10%من قيمتها الحقيقية ممالحق بالميزانية خسائر بمليارات الدنانير. (طريق الشعب ليوم 13/اذار /2025).
هذا ابسط تجاوز، غير المدفون كما في فضيحة امانات الضرائب، انها ليست مجرد ثغرة في النظام المحاسبي المغيب ا نها خيانة امانة على الاقل وبموجب القسم الدستوري، هذه الاجواء ونظرائها، هي التي تعرقل للحصول على الكهرباء الوطنية اولا. لتنجم عنها موازنة مشوهة بدون توقيع او مصادقة من قبل هيئة الرقابة المالية المقرة دستوريا منذ عام 2005. في ظل هذه الاجواء سوف لانحصل على كهرباء وطنية ولا غيرها من جطلات الجيران ما دامت اجواء التحاصص سائدة.
اذن باتت قدوة الغاز الايراني حيث نملك بديلها الوطني في اعماق ارضنا قبل حوالي قرن من اكتشاف النفط. ولكن. وكنموذج حي مشابه اننا ننتج مثلا في معاملنا البان ونستورد موادها الخام اي مسحوق الحليب, في حين يجب ان يكون هناك معمل للالبان لدية محطة ابقار او جاموس, كما كانت معامل ابوغريب, التي لا يعرفها الجيل الحالي. نستورد المادة الخام وايضا نستورد انواع المشتقات من الالبان جاهزة مباشرة للاستهلاك. سبحان الله كما نستورد مشتقات البترول والغاز. لتصبح سنة للتجارة التي ابتلعت النشاطين الزراعي والصناعي.
وهكذا فالجيل الجديد ايضا لا يعلم ان الشركة العامة لصناعة الزيوت كانت لها مزارعها من السمسم وعباد الشمس وبذور القطن والذرة والزيتون. لعهد قريب اي قبل 2003. وهكذا كانت شركات النسيج والجلود تنتج من خامات البلد.. .الخ.
هذه تسمى الصناعة الوطنية وغيرها تسمى الصتاعة الكمبرادوية, اي المرتبطة بخامات الغير او باغلبية القطع لتسمى التجميعية.
لعل ما شابه ذلك هو الزراعة. حيث شلت زراعتنا، اذن لازال اممنا الغذائي مهدد. حيث قطع الجيران الماء عنا كدولة مصب, بحجة اننا نبذره بالزراعة التقليدية السيح وحتى بالواسطة, ويذهب الباقي الى الخليج. نعم انها كلمة حق واريد منها ما ارادو, سوق مفتوحة اغرقت بمنتجات تقمع المنتج المحلي, وهذا حال دول المصب اذ يحدد حقها ليس وزارة الخارجية, بل وزارتي الزراعة والري. ولكننا كنا مشغولين في مستحقات البوابة الشرقية وتداعياتها, اي التوقيت المناسب, لتحديث الزراعة بالمرشات والسدود والخزانات ومكافحة الملوحة والتصحر, اما بعد 2003 فكنا شغالين في مستحقات التحاصص اولا. اي بكلمة حق بات باطلا كما كان في تراثنا الاسلامي. فايضا ان عدم الاعتماد على الامكانات التي بايدينا كحال الغاز والمشتقات والالبان والحبل جرار.
فلكي لا يبقى الغاز الايراني يحدد موقفنا لاخطر عنصر في التنمية بزراعتها وصناعتها وخدماتها, ولكي لا يشوه العلاقة مع اهم جار لنا, وهكذا في المنبع التركي والايراني, اللذان ولا زال ممكنا جدا التلاعب به من خلال العقوبات المسمات دولية. علينا ان نجعل وزارتي الزراعة والصناعة اهم من وزارة الخارجية, التي كانت ولا زالت تحاول ان تصفق بيد واحدة, الان و بعد ان تلحلحت الواردات غير النفطية, يسعنا ان نتحدت, عن عملية تضرب بجذورها لحوالي ربع قرن, حيث يتفاقم التشوة في علاقاتنا مع جيراننا ليسمم العلاقة معهم للاجيال القادمة اضافة للتراكم التاريخي الطائفي, نتيجة الميزان التجاري معهم, اذي هو لصالحهم عادة, حيث المتضرر الاول هو الطبقة الوسطى العريقة المؤثرة في الرائ العام العراقي, اذ الطبقة البديلة الكمبرادورية التجارية’ باتت مجرد عدو يتقاطع تماما مع المنتج المحلي الذي لم تحمه القوانين الحالية المخترقة سياسيا لصالح طبقتهم الكمبرادورية التجارية. اي صراع وجودي بين المنتج المحلي والمستورد.
نجم عن هذا التنافس السلبي المقيت الذي لا يعبر عن سياسة وطنية اولا كما يعبر عن ارتهان مباشر للدول المجاورة, ليمثل فاعلية اقتصادية داعمة لجداول وفقرات العقوبات الدولية, التي لم نتعلم درسها في حصار التسعينات.
لنقع في ذات المطب الان من خلال الاقتصاد الريعي الذي تتقاسمه الدرجات الخاصة ب 40% من مجمل الموازنة, كما كان القائد الضرورة ببذخه الداخلي والخارجي والعائلي على قصورة, ناهيك عن الدين الداخلي والخارجي, الذي بات ينمو ربويا, هذا مأل الريع اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا عادة. ليشكل هشاشة في عظام هيكلنا التنموي. حيث الحامل الاجتماعي بطبقته الوسطى مغيب رغم ان حجر الزاوية للديمقراطية, (بطتنا العرجاء), اما الحامل الفكري للبناء الديمقراطي يتمثل بالنزعات الفردية والهويات الفرعية, لتشكل الحامل الثقافي لاغلب اعضاء البرلمان, باثلاثه الثلاثة المعطلة.
انها الفرصة التاريخية لاغتنامها, ونحن الان اقرب لحديقة خلفية للصراعات الاقليمية, اننا امام اما الاستفادة من الدرس من غاز ايران والتكامل الاقتصادي مع الجيران عموما, او الخروج كما خرجت يوغسلافيا من جغرافيتها. والعياذ بالله.

The post الغاز الإيراني و الفرصة التاريخية appeared first on جريدة المدى.

Read Entire Article