ARTICLE AD BOX

<p class="rteright">طائرات مدمرة على مدرج مطار الخرطوم، 26 أبريل 2025 (رويترز)</p>
بعد معارك عنيفة استمرت ساعات طويلة، أحكمت قوات "الدعم السريع" أمس الخميس، سيطرتها الكاملة على أربع مناطق استراتيجية في إقليم كردفان، هي الدبيبات والحمادي (جنوب غربي كردفان)، والخوي وأم صميمة (غرب كردفان). وقالت في بيان "السيطرة على هذه المناطق يعد تطوراً استراتيجياً وإنجازاً ميدانياً بالغ الأهمية، كما يعد نقطة تحول حاسمة في سير المعارك، لما يحمله من دلالات كبرى وانعكاسات مباشرة على ميزان القوة"، وأضافت "هذا التقدم ضربة استراتيجية استباقية أنهت عملياً أوراق جيش الحركة الإسلامية"، وأشار البيان إلى أن المعارك "أسفرت عن خسائر كبيرة في صفوف قوات الجيش تجاوزت أكثر من 2300 قتيل، والاستيلاء على نحو 300 عربة عسكرية ومدرعات وأسلحة ثقيلة، إلى جانب كميات ضخمة من الذخائر"، مبيناً أيضاً أن "انعكاسات هذا النصر تتجاوز حدود الدبيبات والخوي والحمادي وأم صميمة، وتمتد مباشرة إلى قلب المعركة الكبرى في الفاشر والمحاور الأخرى".
من جهتها، قالت القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح إنها حققت انتصاراً كاسحاً في معركة محور الخوي بغرب كردفان، وأشارت في بيان إلى أنها "دحرت قوات الدعم السريع وحيدت أكثر من 344 عنصراً، إلى جانب تدمير واستلام 67 عربة قتالية". وذكر حاكم إقليم دارفور مني أركو مناوي، في منشور على "فيسبوك"، أن "القوات المسلحة السودانية والقوات المشتركة وجهت ضربة قوية لقوات الدعم السريع في مدينة الخوي بولاية غرب كردفان، وتلقت درساً لن تنساه".
ومنذ مطلع مايو (أيار) الجاري، كثفت "الدعم السريع" هجماتها الجوية على مناطق عدة في كردفان بهدف إعاقة حركة الجيش الذي يحرز تقدماً في عدد من المحاور في هذا الإقليم. وكان الجيش استعاد مطلع مايو الجاري مدينة الخوي، كما استعاد في الـ23 من الشهر نفسه منطقة الدبيبات الاستراتيجية.
كر وفر
في الأثناء، علق المتخصص في الشؤون السياسية والعسكرية الرشيد محمد إبراهيم على تطورات المعارك في إقليم كردفان بقوله "يتبع الجيش في المعارك التي يخوضها في مناطق كردفان استراتيجية الاستنزاف واستدراج ميليشيات الدعم السريع من أجل تفكيك قدراتها وقواتها، وهو تكتيك عسكري ظل يعتمد عليه طوال فترة هذه الحرب، لكن في تقديري لا نصر أو تقدم محدود للميليشيات سيكسر شوكة الجيش"، وتابع إبراهيم "تمكن الجيش في المواجهات التي حدثت في الخوي من قتل كتيبة كاملة للدعم السريع والاستيلاء على 67 مركبة قتالية، فالجيش يتعامل مع الأهداف ولا تشغله يوميات المعارك كثيراً"، وواصل المتخصص في الشؤون السياسية والعسكرية "لا يمكن استبعاد الكر والفر في المعارك الجارية الآن في تخوم كردفان، لكن للكر والفر قواعد ومبادئ وحدود معلومة، وهو ما يقوم به الجيش اعتماداً على المسافات والعمليات التي ما زالت نشطة"، أما الكر مئات الكيلومترات مثل ما قامت به "الدعم السريع" "بهربها من صالحة بجنوب أم درمان إلى كردفان فهذا ليس كراً وفراً".
في المقابل أوضح القيادي في تحالف "تأسيس" محمود أحمد موسى أن "الدعم السريع" حققت انتصاراً كبيراً باستعادتها مينتي الدبيبات والخوي وتأمينهما بصورة تامة من خلال التقدم باتجاه الأبيض وأم صميمة، وبالتالي "هذا الانتصار يعتبر حدثاً تاريخياً ومنعطفاً جديداً له ما بعده وليس استنزافاً"، ونوه موسى إلى أن المعارك ستتواصل في كل المحاور بصورة متصاعدة حتى يجري تحرير كل الوطن، "فقوات الدعم السريع عازمة على العودة مجدداً للخرطوم، لأن انسحابها كان لإعادة التموضع والتنظيم ليس إلا".
محور الفاشر
ميدانياً أيضاً شهدت مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور الخميس قصفاً مدفعياً مكثفاً من "الدعم السريع" على محوري الشمال والجنوب الغربي، فضلاً عن استهداف مطار المدينة، إذ استمر القصف طوال فترة النهار، كما وقعت اشتباكات محدودة بالمحور الجنوبي للمدينة، وزاد تصاعد حدة هذه المعارك المستمرة بصورة يومية تعقيد الوضع الأمني والإنساني في المنطقة.
وتحاصر "الدعم السريع" مدينة الفاشر منذ أكثر من عام، إذ تعوق وصول السلع والمساعدات إليها، ويضطر عدد من سكان المدينة إلى تناول علف الحيوانات المعروف بـ"الأمباز"، بسبب نقص بعض السلع مثل البصل، وارتفاع أسعار السلع الأخرى.
وأعرب برنامج الغذاء العالمي عن شعوره بالصدمة والقلق إزاء تعرض مبانيه في الفاشر للقصف والتدمير، وأضاف في بيان "لا ينبغي أبداً أن يكون موظفو المساعدات الإنسانية وأصولها وعملياتها وإمداداتها هدفاً، يجب أن يتوقف هذا الآن".
ودان مكتب الشؤون الأفريقية بوزارة الخارجية الأميركية قصف "الدعم السريع" منشأة تابعة لبرنامج الأغذية العالمي في دارفور، ودعا إلى وقف القصف العشوائي على المناطق المدنية وحماية المدنيين، والعمل على وصول المساعدات الإنسانية من دون قيود.
من جانبها جددت "الدعم السريع" دعوتها النازحين في معسكر أبو شوك، في الفاشر، إلى مغادرة المعسكر. وقال جنود تابعون لهذه القوات، في مقطع فيديو مصور، إن المعسكر أصبح هدفاً مشروعاً لهم نظراً إلى تمركز القوة المشتركة التابعة للحركات المسلحة فيه. وبحسب سكان في المعسكر، فإن معظم الأطفال يعانون انعدام الغذاء بصورة مأساوية، مما دفعهم إلى تناول التراب في محاولة يائسة لتخفيف الشعور بالجوع.
ويواجه النازحون في مخيم أبو شوك أزمة إنسانية متفاقمة، وسط غياب المساعدات الغذائية وتدهور الوضع الأمني نتيجة تصاعد النزاع العسكري في المنطقة. وتثير هذه الظروف مخاوف متزايدة في شأن تفشي سوء التغذية بين الأطفال، مما يستدعي تحركاً عاجلاً من الجهات الإنسانية لاحتواء الأزمة وتوفير الإمدادات الغذائية للمتضررين.
لجنة تحقيق
على صعيد آخر شكل رئيس مجلس السيادة السوداني عبدالفتاح البرهان لجنة وطنية للتحقيق باتهام حكومة السودان استخدام أسلحة كيماوية في النزاع القائم بين الجيش و"الدعم السريع"، إذ فرضت الولايات المتحدة في الـ22 من مايو الجاري عقوبات على حكومة السودان لاتهامها باستخدام أسلحة كيماوية، شملت قيوداً على الصادرات الأميركية إلى البلاد وعلى الوصول إلى خطوط الائتمان، وتدخل هذه العقوبات حيز التنفيذ في السادس من يونيو (حزيران) المقبل.
وقالت وزارة الخارجية السودانية في بيان إن البرهان قرر تشكيل لجنة وطنية للتحقيق في المزاعم الأميركية، على أن ترفع تقريرها فوراً، وأوضح البيان أن التحقيق يؤكد التزام حكومة السودان بتعهداتها الدولية بما في ذلك اتفاق حظر الأسلحة الكيماوية، وعدم قناعتها بصحة اتهامات الإدارة الأميركية، ونفت الحكومة السودانية والقوات المسلحة استخدام هذه الأسلحة في النزاع المستمر منذ الـ15 من أبريل (نيسان) 2023.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وصول رئيس الوزراء
في التحركات، وصل رئيس الوزراء السوداني الجديد كامل إدريس بورتسودان العاصمة الإدارية الموقتة للحكومة السودانية، لبدء مهماته التنفيذية خلال المرحلة المقبلة.
وتعاني حكومة السودان منذ اندلاع الحرب فراغاً دستورياً عطل كثيراً ترك تداعياته، خصوصاً في الجوانب الخدمية.
وقبيل وصول إدريس، قرر مجلس السيادة إلغاء التوجيه السابق بإشراف أعضائه على الوزارات والوحدات الحكومية، مما يمنح رئيس الحكومة حزمة من الصلاحيات الواسعة. وبحسب مراقبين، يواجه رئيس الوزراء الجديد مهمات شديدة التعقيد، لا سيما ما يتعلق باختيار الوزراء.
من جانبه، أكد وزير الثقافة والإعلام خالد الإعيسر أن البلاد تشهد يوماً تاريخياً بوصول رئيس الوزراء الجديد، وقال في تصريحات صحافية خلال استقبال إدريس بمطار بورتسودان "نرحب برئيس الوزراء باسم الحكومة والشعب، متمنين له التوفيق في مسعاه إلى تحقيق الأمان والاطمئنان للشعب السوداني"، وأضاف "هذه المرحلة الجديدة تمثل بارقة أمل وتدشيناً لمرحلة جديدة تتسم بكل علامات الانتقال الديمقراطي المدني المنشود، نحن موعودون بالخير والأمان والاطمئنان في هذه المرحلة الجديدة، ونتمنى للشعب السوداني كل الخير والرفاهية".
وباء الكوليرا
صحياً، بلغت نسبة الشفاء وسط المصابين بوباء الكوليرا والبالغ عددهم 1375 مصاباً بولاية الخرطوم 92 في المئة، توجد من بينهم 218 حالة تمت معالجتها عبر فرق الاستجابة السريعة والعيادات الميدانية قبل وصولها مراكز العزل. وبحسب وزارة الصحة السودانية، سجلت الحالات التي جرى اكتشافها عبر الفرق الميدانية بمحليتي كرري وأم درمان 242 حالة، وأكدت انخفاض حالات الوفاة بسبب الجائحة إلى 23 بدلاً عن 28 حالة وفاة.
وأشار مدير الإدارة العامة للطوارئ والأوبئة في وزارة الصحة محمد التجاني إلى أن استراتيجية وزارة الصحة في مكافحة الوباء تتمثل في اتخاذ إجراءات للاكتشاف المبكر للحالات عبر فرق الاستجابة السريعة لوقف انتشار المرض والإسراع في المكافحة، معلناً إقامة مراكز إيواء في المناطق التي سجلت فيها إصابات، مما يساعد في اكتشاف الحالات ويقلل من الوفيات، وأشار إلى تعافي 92 في المئة من المصابين، منوهاً إلى أن معظم الإصابات وسط الكبار، وتمثل نسبة 95 في المئة من إجمالي الإصابات، فيما تصل نسبة إصابة الأطفال خمسة في المئة.