ARTICLE AD BOX

<p class="rteright">مبنى متضرر من الحرب في بلدة صالحة جنوب أم درمان، 22 مايو 2025 (أ ف ب)</p>
تمكن الجيش السوداني أمس الجمعة من تحقيق انتصار جديد بسيطرته على منطقة الدبيبات الاستراتيجية التي تمثل البوابة الرئيسة لولاية جنوب كردفان بعد معارك شرسة وضارية مع قوات "الدعم السريع" ليقترب الجيش أكثر من إنهاء الحصار المفروض على الدلنج ثاني أكبر مدن الولاية. وبحسب مصادر عسكرية فإن تحرير الدبيبات يعد خطوة استراتيجية مهمة تمهد الطريق لربط اللواء 54 مشاة بمتحركات التحرير القادمة من مدينة الأبيض عاصمة ولاية شمال كردفان، وربط كادوقلي عاصمة ولاية جنوب كردفان عبر طريقها الرئيس بمدينة بورتسودان شرقاً ومدينة وادي حلفا أقصى الشمال.
وأشارت المصادر إلى أن الجيش كبد "الدعم السريع" في هذه المعركة خسائر كبيرة في الأرواح، فضلاً عن استيلائه على أكثر من 20 مركبة قتالية بكامل عتادها وكميات كبيرة من الأسلحة الخفيفة والثقيلة. وقال المتحدث باسم الجيش السوداني نبيل عبدالله في بيان صحافي إن قواتهم تمكنت "من سحق العدو في الدبيبات وإحكام السيطرة عليها". كما أكد المتحدث باسم الحكومة السودانية ووزير الإعلام خالد الإعيسر أن الجيش والقوات المساندة له ستواصل مسيرة "سحق الميليشيات والمرتزقة والعملاء من مدينة إلى أخرى حتى يطهر السودان من كل الأعداء والمجرمين".
عملية عسكرية دقيقة
من جانبه أشار المتحدث باسم القوة المشتركة التابعة للحركات المسلحة أحمد حسين مصطفى إلى أن تحرير الدبيبات جاء نتيجة لعملية عسكرية دقيقة ومنسقة نفذتها القوة المشتركة برفقة الجيش، مشيراً إلى أن "الدعم السريع" تكبدت خسائر فادحة في الأرواح والعتاد، واعتبر مصطفى السيطرة الكاملة على الدبيبات خطوة حاسمة في سبيل استعادة الأمن والاستقرار في إقليم كردفان، وخطوة مركزية لتوسيع العمليات العسكرية بإقليم دارفور، وفك الحصار عن مدينة الفاشر، ونوه المتحدث باسم القوة المشتركة إلى أن قواتهم ستواصل الجهود لإعادة الأمان إلى ربوع البلاد كافة، داعياً أبناء السودان، بخاصة في دارفور وكردفان، إلى الوحدة والتكاتف لدعم الجهود الوطنية.
وتعد الدبيبات، وهي رئاسة محلية القوز، منطقة استراتيجية عسكرياً في إقليم كردفان، حيث يوجد مثلث طيبة وهو بمثابة مفترق طرق يربط ولاياتها الثلاث، ويؤدي جنوباً إلى الدلنج وكادوقلي، وغرباً إلى مدينتي أبو زبد والفولة وبابنوسة، وشمالاً إلى الأبيض. وتأتي العمليات العسكرية في المناطق الواقعة في الجزء الجنوبي من كردفان تزامناً مع تحرك آخر في غرب الإقليم، يرمي للوصول لإقليم دارفور وإنهاء حصار الفاشر.
وفي الأول من مايو (أيار) الجاري سيطرت "الدعم السريع" على مدينة النهود، العاصمة الإدارية لولاية غرب كردفان، إلى جانب محلية الخوي، لكن الجيش وحلفاءه استعادوا في الـ11 من الشهر نفسه الخوي وتقدموا غرباً.
نتيجة طبيعية
وتعليقاً على تطورات الوضع العسكري في محور كردفان أفاد الباحث في الشؤون العسكرية والسياسية اللواء معتصم عبدالقادر بأن تسارع خطى الجيش السوداني من خلال تقدمه ميدانياً في المعارك الجارية في جبهة كردفان جاء نتيجة طبيعية "للانتصارات المتتالية التي حققها في ولايات الجزيرة وسنار والنيل الأبيض والخرطوم، حيث بدأ منذ يونيو (حزيران) 2024 عملياته الهجومية، مما جعل (الدعم السريع) في حال من الانهيار المتواصل". وأضاف عبدالقادر أن من عوامل انهيار "الدعم السريع" أن هناك "خلافات داخل المكونات القبلية التي تتكون منها تلك القوات، إذ يشكو المقاتلون من وجود تمييز في عمليات الإمداد والتسليح ومخصصات القتلى والجرحى في العمليات، مما قاد كثيرين للانسحاب من ميدان المعركة الدائرة الآن، بخاصة في محوري كردفان ودارفور، في حين اتجه بعض القوات، ولا سيما التي تنتمي لقبيلة المسيرية، إلى مناطقها في محاولة لإجراء تفاهمات مع الجيش عبر التنسيقيات والإدارات الأهلية المحايدة". وتابع أن الملاحظ ان "(الدعم السريع) تعاني توقف الدعم الخارجي من قبل دول عدة إقليمية ودولية منها دول جوار خصوصاً، بعد خسارتها المعارك الأخيرة في ولاية الخرطوم التي وقعت في منطقة صالحة جنوب أم درمان". وتوقع الباحث في الشؤون العسكرية والسياسية أن يواصل الجيش وحلفاؤه التقدم سريعاً لتحرير كل المناطق بإقليمي كردفان ودارفور من دون مقاومة تذكر وإنهاء هذه الحرب بحسمها عسكرياً.
محور دارفور
أما في محور دارفور فيسود الهدوء الحذر مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور في وقت يشهد فيه بعض الأحياء السكنية قصفاً مدفعياً متقطعاً تنفذه "الدعم السريع" بصورة عشوائية، بينما تمكن الجيش من إنزال ناجح لمسيرة تابعة لهذه القوات. وبحسب مسؤولين في الولاية الشمالية فإن الولاية استقبلت نحو ثمانية آلاف نازح من ولاية شمال دارفور فروا بسبب المعارك المحتدمة، وأشار هؤلاء المسؤولون إلى استقبالهم أكثر من 1000 أسرة نازحة من ولاية شمال دارفور، منها 470 أسرة نازحة من المالحة، و568 أسرة من مخيم زمزم للنازحين وطويلة بولاية شمال دارفور.
وأوضحت منسقة مفوضية العون الإنساني بمحلية الدبة كوثر قيلي في تصريح صحافي أن موجات النزوح في تزايد مطرد مع توقعات بموجات نزوح جديدة، مقدرة نسبة النزوح اليومي بنحو 15 إلى 20 أسرة، ونوهت إلى أن أعداد القادمين من منطقة زمزم بواقع 1496 أسرة، مما يعادل 7488 فرداً، و370 أسرة بواقع 1850 فرداً من المالحة، مبينة أن برنامج الغذاء العالمي قدم مواد غذائية لـ4500 نازح. وحذرت كوثر من وجود بعض حالات الكوليرا وسط النازحين، مؤكدة محاصرة الحالات، بواسطة وزارة الصحة ومنظمة الصحة العالمية، وأن الوضع تحت السيطرة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
انتشار الكوليرا
وسجلت مدن العاصمة السودانية الثلاث الخرطوم وأم درمان وبحري نحو 2500 حالة إصابة بداء الكوليرا خلال الأسابيع الثلاثة الماضية بينها 500 حالة في يوم واحد، في وقت حذرت فيه منظمة "أطباء بلا حدود" من تفشي هذا الوباء في ولاية الخرطوم، وبحسب بيان للمنظمة، فإن الكوليرا تنتشر بصورة كبيرة في ولاية الخرطوم، موضحاً أن المنظمة تعمل مع وزارة الصحة لتعزيز جهودها والاستجابة لتفشي المرض. وأشار البيان إلى وجود 13 وحدة لعلاج الوباء تعمل بولاية الخرطوم، تدعم المنظمة سبعاً منها لضمان عملها بكامل طاقتها وإمكان توسيع قدراتها تبعاً للحاجات. وأوضح البيان أن وزارة الصحة سجلت نحو 2000 حالة مشتبه في إصابتها بالوباء خلال الأسابيع الثلاثة الماضية قبل أن يتفاقم الوضع الصحي بتسجيل ما يقارب 500 حالة إضافية في يوم واحد بتاريخ الـ21 من مايو، أي ما يعادل ربع إجمال الحالات المسجلة في الأسابيع الثلاثة السابقة. وتحدث البيان عن دعم المنظمة لمركزين لعلاج الكوليرا في أم درمان، وناشد البيان الجهات المانحة والأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية للارتقاء بجهود تعزيز المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في الخرطوم على وجه السرعة للحد من تفشي المرض، وحث الوزارات المعنية إلى تسريع جهودها المتواصلة لاستعادة الكهرباء والمياه في المناطق المتضررة.
وفاقم انقطاع إمدادات الكهرباء والمياه في مناطق واسعة بولاية الخرطوم في تفشي الأمراض الوبائية بما في ذلك الكوليرا، إذ يضطر السكان إلى استخدام مياه من مصادر غير آمنة، مثل الآبار السطحية أو المياه المسحوبة من النيل مباشرة.