الأنبار.. التشجير خط دفاع أول في مواجهة التصحر

1 week ago 4
ARTICLE AD BOX

الأنبار/علي احمد راضي

تشهد محافظة الأنبار جهودًا متصاعدة لمواجهة التصحر والتغيرات المناخية، من خلال تنفيذ مشاريع واسعة النطاق في مجال التشجير، وخصوصاً في المناطق الصحراوية. وتُعد هذه المبادرات جزءًا من استراتيجية بيئية شاملة تهدف إلى التخفيف من حدة العواصف الرملية، وتحسين نوعية الهواء، والحفاظ على الأراضي الزراعية.

ويقول صفاء زيدان، مدير قسم البستنة ومكافحة التصحر في مديرية زراعة الأنبار لـ"المدى": “تركّز مديرية الزراعة في الأنبار في خططها الحالية على التوسع في زراعة الأشجار الخضراء، لا سيما في المناطق الصحراوية، بهدف الحد من آثار التغيرات المناخية، والتقليل من العواصف الرملية، والحد من ظاهرة التصحر. وتشمل هذه الخطط استخدام أنواع نباتية ملائمة للبيئة المحلية وتتحمل الجفاف، إلى جانب العمل على إنشاء أحزمة خضراء تساهم في حماية المدن والمناطق الزراعية”.
ويتابع زيدان "ومن أبرز المشاريع التي نفذتها المديرية في هذا المجال، إنشاء أكثر من 20 غابة موزعة في أنحاء مختلفة من محافظة الأنبار منذ عام 2010. وقد كان الهدف من هذه الغابات هو الحفاظ على البيئة، والحد من التدهور البيئي، وتقليل نسب التصحر والتلوث".
ويوضح "ورغم أن عدداً كبيراً من هذه الغابات تعرّض للتدمير خلال السنوات الماضية نتيجة الظروف الأمنية التي مرت بها المحافظة، فقد تم إعادة تأهيل عدد منها بدعم من منظمات دولية، إضافة إلى دعم وزارة الزراعة والحكومة المحلية في الأنبار".
ويؤكد زيدان أنه "هنالك تعاون فعّال مع منظمات دولية ومحلية في مجال إعادة تأهيل الغابات المتضررة، ضمن مشاريع لدعم التنمية المستدامة. هذا التعاون شمل تقديم التمويل اللازم، وتوفير الخبرات الفنية، ما ساعد في إعادة إحياء بعض المساحات الخضراء المهمة التي تديرها المديرية".
ويضيف "لكن في المقابل، لا تزال مشاريع التشجير تواجه عدة تحديات، أبرزها تأثير التغيرات المناخية على استقرار البيئة الزراعية، إلى جانب محدودية التمويل المطلوب لتنفيذ المشاريع على نطاق واسع. كما أن صعوبة الوصول إلى بعض المناطق نتيجة وجود قطعات عسكرية فيها، يمثل عقبة حقيقية أمام استمرار الزراعة والصيانة".
ويؤكد مدير البستنة ومكافحة التصحر "ولتجاوز مشكلة شح المياه، بدأت مديرية الزراعة بتطبيق تقنيات ري حديثة، مثل نظم الري بالتنقيط والرش، والتي ساهمت في تقليل الفاقد المائي وتحسين كفاءة استخدام المياه، ما زاد من فرص نجاح مشاريع التشجير في بيئة تعاني من نقص الموارد المائية".
مشيداً بعمل المديرية "وفي إطار رفع الوعي البيئي، أعلنت المديرية عن برامج توعية تستهدف المواطنين والمزارعين، تتضمن ورش عمل، نشرات توعوية، وأنشطة ميدانية بالتعاون مع جهات رسمية وغير حكومية، وذلك لتعزيز ثقافة التشجير ودوره الحيوي في تقليل التصحر وتحسين جودة الحياة في الأنبار".
وفي السياق ذاته، أوضح مدير بيئة الأنبار، قيس ناجح عبد، لـ”المدى” أنه "هناك تنسيقًا عالي المستوى مع الحكومة المحلية والدوائر الخدمية لتنفيذ حملات تشجير واسعة، حيث أقيمت عدد من حملات التشجير من قبل بعض الدوائر الحكومية والمنظمات، وتستعد مديرية البيئة لإطلاق حملة كبيرة تهدف إلى زراعة 20 ألف شجرة في أقضية المحافظة، وفق خطة بيئية مدروسة".
ويشدد ناجح على "ضرورة أن تتم عمليات التشجير تحت إشراف المديرية حصريًا، لتفادي الزراعات العشوائية التي غالبًا ما تتسبب في عبء بيئي لاحق نتيجة غياب الرعاية والمتابعة"، وأشار إلى أن "المديرية أعدّت جدولًا تفصيليًا بأنواع النباتات الصديقة للبيئة، ووزعته على عدد من المؤسسات الحكومية لاعتماده في حملات التشجير المستقبلية".
كما أكد ناجح على "وجود قوانين صارمة لحماية البيئة، من أبرزها قانون مديرية بيئة الأنبار رقم (27) لعام 2009، والذي ينص على منع قطع الأشجار المعمرة إلا في حالات الضرورة القصوى، ويمنع كذلك تجريف البساتين والمزارع، لما له من آثار سلبية مباشرة على البيئة والتوازن البيئي في المحافظة".
ويضيف ناجح أنه "لوحظ مؤخرًا ازدياد ملحوظ في التصحر داخل المحافظة، ويُعزى ذلك بشكل رئيس إلى انخفاض منسوب مياه نهر الفرات، ما تسبب في نقص الحصة المائية للمزارعين، وبالتالي تدهور النشاط الزراعي في المناطق البعيدة عن مجرى النهر. كما شُوهدت تحولات في بعض المناطق الزراعية التي تحولت إلى أراضٍ صحراوية نتيجة شح المياه. ويضاف إلى ذلك الاستخدام المفرط وغير المرشد للمياه من قبل بعض الفلاحين، مما ساهم بشكل كبير في توسيع رقعة التصحر".
ويكمل "ومن الإجراءات المتخذة من قبل مديرية بيئة الأنبار للحد من التصحر، هناك تعاون مستمر مع الهيئة العامة للتصحر والغابات، إضافة إلى مشاريع زراعة الواحات الصحراوية وإعادة تأهيلها، بعد تضررها الكبير نتيجة العمليات العسكرية السابقة".
وفي هذا السياق، أكد الوزير السابق للبيئة، جاسم الفلاحي، أن العراق “يفقد سنويًا نحو 100 ألف دونم من الأراضي الزراعية بسبب التصحر، نتيجة التغيرات المناخية وندرة الأمطار وتراجع الإيرادات المائية”، داعيًا إلى “وضع استراتيجية وطنية شاملة، تتضمن رصد موازنات سنوية لمكافحة التصحر والتخفيف من آثاره السلبية”
كما أعلنت مديرية بيئة الأنبار في وقت سابق عن سلسلة إجراءات للحد من التصحر، من بينها إغلاق عدد من معامل إنتاج الأسفلت والقير في المحافظة عام 2022، بسبب تأثيرها على البيئة، وتأكيدها على “وضع خطة لتكثيف حملات التشجير وتعميم مفهوم الزراعة الصديقة للبيئة بالتعاون مع الدوائر المحلية والمنظمات”.
وفي خطوة عملية، أطلقت مديرية زراعة الأنبار مشروع الحزام الأخضر في ناحية النخيب، والذي يستهدف زراعة أكثر من 20 ألف دونم خلال عام 2025، بهدف إعادة تأهيل المناطق المتدهورة وتحويلها إلى بيئات خضراء قابلة للحياة الزراعية.

The post الأنبار.. التشجير خط دفاع أول في مواجهة التصحر appeared first on جريدة المدى.

Read Entire Article