ARTICLE AD BOX
ترتبط الهند بعلاقات وثيقة مع إسرائيل، التي تُعتبر مورداً رئيسياً للأسلحة إلى نيودلهي، فضلاً عن وجود تعاون اقتصادي كبير بين نيودلهي وتل أبيب، الأمر الذي قد يفسّر بعض جوانب مسارعة إسرائيل للتعبير عن دعمها العلني للهند في نزاعها مع باكستان، وتشبيه النزاع الحالي، سبب شرارة الحرب التي عزتها الهند إلى الهجوم في كشمير الذي أدّى إلى مقتل 26 سائحاً هندياً، في شهر إبريل/ نيسان الماضي، بعملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 في مستوطنات غلاف غزة. وتعتبر الحرب الحالية بين الهند وباكستان فرصة لإسرائيل، من حيث تجربة مُسيّراتها التي باعتها للهند وأعلنت باكستان إسقاط عدد منها خلال الأيام الماضية، وهي فرصة لتل أبيب لتعزيز زيادة صادراتها العسكرية إلى الهند.
وعبّر السفير الإسرائيلي في الهند، رؤوفين عازر، صراحة، أخيراً، عن "دعم إسرائيل لحق الهند في الدفاع عن نفسها"، مشيراً إلى أن "نيودلهي تعلم أنه يمكنها الاعتماد على إسرائيل". وذكرت وسائل إعلام عبرية أن عازر أكد، في لقاءات مع وسائل إعلام هندية، الموقف الإسرائيلي الواضح الذي يؤيد "حق الهند في حماية سيادتها ومواطنيها"، في وجه باكستان، المعروفة بعدائها لإسرائيل وتمنع مواطنيها من زيارتها. وفي إحدى مقابلاته، صرّح السفير الإسرائيلي: "إسرائيل تدعم حق الهند في الدفاع عن نفسها. يجب أن يُدرك الإرهابيون أنه لا يوجد مكان للاختباء من الجرائم التي ارتكبوها بحق الأبرياء".
شبّهت إسرائيل هجوم كشمير بعملية طوفان الأقصى التي نفذتها حركة حماس
وأفاد موقع يديعوت أحرونوت الإسرائيلي، الخميس الماضي، بأن الصحافيين الهنود أشاروا إلى أن تل أبيب كانت من أولى الدول في العالم التي دعمت الهند بعد عملية "السندور" (الاسم الذي أطلقه الجيش الهندي على عمليته العسكرية الحالية ضد باكستان الذي اتهمها بالضلوع بهجوم كشمير)، كما قارنوا هجوم السابع من أكتوبر بهجوم باهالغام بمنطقة كشمير الهندية. كذلك، فإنهم طرحوا على السفير الإسرائيلي، أسئلة حول "النصائح التي يمكن أن تقدّمها إسرائيل للهند في جهودها لمكافحة الإرهاب".
وبحسب تصريحات عازر، الذي يمثّل الموقف الإسرائيلي الرسمي، فإن "الهجوم في باهالغام يشكّل لحظة مفصلية بسبب وحشيته، حيث تتشابه خصائصه مع أحداث 7 أكتوبر، وليس أمام الدول الديمقراطية خيار سوى التصدي لهذه التهديدات الشديدة لأمنها. لقد مارست الهند حقّها في الدفاع عن نفسها، ونحن على ثقة بأنها تقوم بذلك وفقاً لمسؤوليتها في حماية مواطنيها".
تحوّل في العلاقات بين الهند وإسرائيل
تقول إسرائيل إن قيماً مشتركة تجمعها بالهند، في مجالات الابتكار، والزراعة المتقدمة، والصحة، والتكنولوجيا العسكرية، كما يعمل الجانبان على تعزيز العلاقات في مجالات التكنولوجيا الزراعية، وحلول المياه، وإدارة الكوارث.
وشهدت العلاقات بين إسرائيل والهند تحولاً استراتيجياً في السنوات الأخيرة، من فتور دبلوماسي إلى تعاون أمني كبير، بالأساس منذ وصول حزب بهاراتيا جاناتا القومي المتشدد إلى السلطة في الهند، بقيادة رئيس الحكومة الحالي ناريندرا مودي، إذ تغيّر الموقف تجاه إسرائيل بشكل ملحوظ، ما أدى إلى تعزيز التعاون في مختلف المجالات، ومنها الأمنية على وجه الخصوص. ووفق ما نشرته صحيفة يسرائيل هيوم العبرية، نهاية شهر إبريل الماضي، لعبت إسرائيل إلى جانب دول أخرى، دوراً بارزاً في عملية التطوير المستمرة التي يمر بها الجيش الهندي. ويستخدم سلاح الجو الهندي طائرات مُسيّرة وذخائر موجّهة من إنتاج إسرائيلي، كما تدمج أنظمة إسرائيلية في الأسلحة التي يعتمد عليها الجيش الهندي في عملياته العسكرية.
ومن أقوى المؤشرات على التعاون الأمني بين إسرائيل والهند، دمج نظام الدفاع الجوي "باراك 8"، الذي تنتجه الصناعات الجوية الإسرائيلية، في الأسلحة البحرية والجوية والبرية الهندية. وأُجريت التجارب وأُنتِج النظام من خلال شركة فرعية للصناعات الجوية الإسرائيلية تعمل في الهند، ما أدى إلى تحسين كبير في قدرة البلاد على اعتراض الصواريخ، وفقاً لـ"يسرائيل هيوم"، كما أن خبرة إسرائيل في التعامل مع الصواريخ التي تنتجها روسيا، كانت مناسبة تماماً لاحتياجات الهند ولمخاطرها الأمنية.
الأسلحة الإسرائيلية
وذكر موقع والاه الإسرائيلي أنه "كما كان متوقعاً، برزت أنظمة أسلحة إسرائيلية في القتال بين الهند وباكستان". وبينما تتوقع الصناعات الأمنية في إسرائيل أن يؤدي التصعيد إلى صفقات جديدة مع الهند، التي تُعتبر أكبر مشترٍ للأسلحة الإسرائيلية في العالم، ظهرت تطورات غير متوقعة. واعتبر الموقع أن المفاجأة تكمن في إسقاط باكستان، وفقاً لتقارير إعلامية عدة، لا سيما باكستانية، مُسيّرات "هاروب" إسرائيلية الصنع التي استخدمتها الهند في هجماتها خلال الأسبوع الحالي. ويدور الحديث عن مُسيّرة هجومية، يمكنها التحليق لساعات بانتظار تحديد الهدف، ويتم توجيهها عن بعد من قبل المشغل على بعد مئات الكيلومترات.
مع ذلك، أضاف الموقع أنه "يبدو أن هذا لم يكن كافياً لمساعدة الهند، حيث استخدم الجيش الهندي أيضاً في هجومه ضد تسعة أهداف في إقليم كشمير وفي باكستان، طائرات داسو رافال التي اشترتها من فرنسا، إلى جانب الذخائر الفرنسية". وتُعتبر رافال ذات المحركين الطائرة الرئيسية للصناعات الأمنية الفرنسية ولسلاح الجو الهندي، وفي الآونة الأخيرة، طلبت الهند المزيد منها لتكون جزءاً من حاملة الطائرات التابعة لها، فيما أعلنت باكستان أنها أسقطت خمس طائرات من هذا الطراز.
ورأى الموقع أن الأداء غير المُرضي لطائرات رافال قد يمنح الصناعات الأمنية الإسرائيلية ميزة تنافسية أمام الصناعات الفرنسية في السوق الهندية الضخمة. ولفت إلى أن إسرائيل واحدة من أكبر مورّدي الأسلحة للهند، والتي، وفقاً لتوجيهات مودي، تشترط على المورّدين إنشاء خطوط إنتاج محلية داخل البلاد. وعليه، توجد في الهند منشآت تصنيع لصواريخ باراك 8 من إنتاج الصناعات الجوية الإسرائيلية، ومُسيّرات هرمز 900 التي تطورها شركة إلبيت الإسرائيلية، بالإضافة إلى صواريخ سبايك المضادة للدروع، من إنتاج شركة رفائيل الإسرائيلية.
من جهتها، نقلت صحيفة تايمز أوف إسرائيل، أول من أمس الجمعة، عن الباحثة في معهد القدس للأمن والسياسات الاستراتيجية، أوشريت بيرفادكير، قولها إن "استخدام الهند مسيّرات هاروب وهيرون مارك 2، في القتال الحالي، يدل كيف تلعب إسرائيل دوراً بارزاً ومتنامياً في الاستراتيجية العسكرية الحالية للهند، خصوصاً في ضوء التصعيد مع باكستان"، لافتة إلى أن هذه المسيّرات المتقدمة مكنّت الهند من توسيع قدراتها على المراقبة من ارتفاع عالٍ وكذلك قدراتها الهجومية".
الأداء غير المُرضي لطائرات رافال قد يمنح الصناعات الأمنية الإسرائيلية، ميزة تنافسية
وبحسب بيرفادكير، فإنه "من وجهة نظر إسرائيلية، فإن الهند ليست فقط مستورداً أساسياً، بل شريك استراتيجي يتشارك مع إسرائيل الهواجس ذاتها المتعلقة بالإرهاب والأمن الحدودي والتطرف الإسلامي"، وفق رأيها.
وشدّدت الهند، على مدار العامين الماضيين، متطلباتها على الشركات الأجنبية الراغبة في التعامل معها، حيث أصبحت تُلزمها بتطوير الأنظمة بالتعاون مع شركات هندية وتصنيعها محلياً قبل تصديرها. وحتى الآن، استطاعت الصناعات الأمنية الإسرائيلية التكيّف مع هذه الاشتراطات، مستفيدة من الفرص التجارية الكبيرة التي توفّرها السوق الهندية، إذ اشترت الهند من إسرائيل أنظمة أسلحة بقيمة 15 مليار دولار خلال العقد الماضي.
ومثل هذه الشراكات، خصوصاً في تطوير أنظمة الأسلحة التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي أيضاً، كما هو الحال مع صواريخ باراك، يمكن أن توفّر مصدراً إضافياً للإمدادات العسكرية التي توفّرها الولايات المتحدة لإسرائيل، كما أنها تُعد استعداداً، وفق موقع والاه العبري، لاحتمال تعليق الرئيس الأميركي دونالد ترامب، المساعدات الأمنية الأميركية لإسرائيل، والتي تبلغ 3.3 مليارات دولار سنوياً وتسري حتى عام 2028.
