ARTICLE AD BOX

<p>يتطلب رفع العقوبات خطوات رسمية عدة من جانب الدول التي فرضتها (اندبندنت عربية)</p>
شرع الرئيس الأميركي دونالد ترمب الباب أمام سوريا ودول العالم بعد فترة حصار طال انتظارها تكللت بفرحة انتظرها الشارع السوري بفارغ الصبر، مع قرار رفع العقوبات الذي أعلنه ساكن البيت الأبيض في جولة خليجية استهلها داخل الرياض.
يوم الـ13 من مايو (أيار) الماضي لم يمر كأي يوم في تاريخ سوريا الجديدة، لا سيما بعد إعلان الرئيس ترمب رفع العقوبات إثر طلب من ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان ولقائه الرئيس السوري أحمد الشرع، ليمنح دمشق فرصة استثنائية بعد نصف قرن عاشته في ظل حكم استبدادي.
وخضعت سوريا لعقوبات اقتصادية أثناء فترة حكم رئيس النظام السابق بشار الأسد نتيجة قمع التظاهرات السلمية واستعمال العنف المفرط ضد المدنيين عام 2011، شارك في إقرارها كل من الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة وكندا وأستراليا وسويسرا إضافة إلى جامعة الدول العربية، بينما وقفت روسيا وإيران إلى جانب النظام في تحالف سياسي وعسكري واسع وداعم.
ومن العاصمة الفرنسية باريس، شرح الباحث في القانون الدولي فراس حاج يحيى لـ"اندبندنت عربية" الخطوات التي تلي إعلان ترمب نيته رفع العقوبات عن سوريا، إذ سيكون في حاجة إلى المرور بسلسلة إجراءات قانونية وإدارية داخل النظام الأميركي، خصوصاً أن معظم العقوبات المفروضة على سوريا فُعلت بموجب قوانين وتشريعات صادرة عن الكونغرس، إلى جانب أوامر تنفيذية من السلطة التنفيذية. وأضاف "أما في ما يتعلق بالعقوبات التي فرضت بموجب قانون قيصر لحماية المدنيين في سوريا لعام 2019، فإن إلغاء هذه العقوبات أو تعليقها يتطلب إما تعديلاً تشريعياً عبر الكونغرس، أو تقديم الإدارة الأميركية الحالية تقريراً رسمياً يفيد بأن الشروط القانونية لرفع العقوبات تحققت، وهي شروط معقدة تشمل وقف الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان والمحاسبة".
في المقابل، يدرس البيت الأبيض تطبيع العلاقات مع دمشق، وهذا ما أفصح عنه الرئيس الأميركي عقب لقاء جمعه مع الرئيس السوري في الرياض بحضور الأمير محمد بن سلمان ومشاركة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان عبر الإنترنت. وتقدم ترمب بسلسلة إجراءات يأمل في أن تساعد الحكومة السورية على تنفيذها، أبرزها التوقيع على اتفاقات لتطبيع العلاقات مع إسرائيل ومغادرة المقاتلين الأجانب من سوريا، وترحيل قيادات الفصائل الفلسطينية ومساعدة أميركا على منع عودة "داعش" وتولي مسؤولية السجون التي تضم مقاتلي التنظيم المتطرف في شمال شرقي سوريا.
وعلق الرئيس الأميركي في أعقاب إعلانه رفع العقوبات عن سوريا بأن ذلك سيمنح السوريين فرصة لتحقيق إنجازات عظيمة، خصوصاً بعدما "كانت العقوبات مشلة وقوية للغاية".
ومع ذلك، يتطلب رفع العقوبات خطوات رسمية استعرضها الباحث في القانون الدولي حاج يحيى "أولاً إصدار أمر تنفيذي جديد من الرئيس الأميركي يعلق فيه أو يعدل الأوامر السابقة، وثانياً إخطار الكونغرس، خصوصاً إذا كانت العقوبات مفروضة بموجب قوانين اتحادية، أما الخطوة الثالثة فهي إجراء مشاورات مع وزارة الخزانة (مكتب مراقبة الأصول الأجنبية - OFAC) المسؤولة عن تنفيذ العقوبات، والخطوة الرابعة فهي توفير مبررات سياسية وقانونية للرفع، وهو أمر لن يكون سهلاً في ظل المعارضة المتوقعة من الكونغرس".
وأردف "باختصار، إن مسألة رفع العقوبات لا سيما في ملف معقد كملف سوريا ليس قراراً فردياً، بل يمر عبر شبكة مؤسساتية تحكمها اعتبارات قانونية وحقوقية واستراتيجية. والبوابة لناحية الإجراءات والتفاصيل وغيرها ستتضح بعد لقاء وزيري الخارجية السوري أسعد الشيباني والأميركي ماركو روبيو في تركيا".
في الموازاة، انعكس إعلان ترمب رفع العقوبات إيجاباً على العملة السورية بصورة ملحوظة، إذ ارتفعت بنحو 10 في المئة. وسجل سعر صرف الدولار الواحد ما بين 7 و8 آلاف ليرة سورية يوم الإعلان، لتعود وتنخفض في افتتاح تداولات اليوم التالي إلى 9 آلاف ليرة في السوق الموازية (غير الرسمية) بينما خفض "مصرف سوريا المركزي" (المسؤول عن السياسة النقدية للبلاد) من سعر صرف الليرة إلى 11 ألف ليرة للدولار الواحد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وتحدث خبراء السياسة والاقتصاد السوري عن الانعكاسات الإيجابية لقرار تجميد العقوبات وصولاً إلى إلغائها نهائياً، ومنها إعطاء الدفع وتحريك الدول الأوروبية لرفع عقوباتها أيضاً، إضافة إلى إعادة فتح الهيئات والبعثات الدبلوماسية الدولية، وفتح المجال أمام التحرك الدبلوماسي السوري بعدما كان محظوراً.
ولا يقل التأثير الاقتصادي عن السياسي، إذ يتوقع المتخصصون تدفق الشركات الاستثمارية إلى سوريا، لا سيما أن المعلومات الواردة أكدت مباشرة وزارة الخزانة الأميركية بدراسة الإجراءات الأولية في ما يخص رفع العقوبات.
ويترقب الشارع السوري تحريك عجلة الإنتاج المتوقفة بفعل دمار المعامل والمصانع، وحاجة المنشآت إلى قطع الغيار المناسبة، ناهيك بفتح الأبواب للوصول إلى الأسواق العالمية أو تدفق البضائع والسلع إلى البلد المنهك والمتضرر في شتى نواحي الحياة، لا سيما دمار للمدارس والمستشفيات، إضافة إلى دمار البنية التحية وفي مقدمها الطرقات.
ولن يترك رفع العقوبات فوائده على السوريين وحدهم بل سيؤثر في دول النزوح السوري، فمع هذا الوضع الجديد بات من الممكن انطلاق عجلة إعادة الإعمار ودخول شركات عالمية عملاقة ستوفر السكن المناسب للعائلات السورية، بالتالي عودة سريعة للسوريين، ومعها انتعاش قطاعات الطاقة والسياحة والصناعة والزراعة وغيرها التي ستوفر فرص عمل، وتحسين المستوى المعيشي".
ويعد رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي السيناتور جيم ريتش أن "رفع العقوبات يمثل فرصة هائلة منحها الرئيس ترمب للسوريين، وآمل أن يتمكنوا من الاستفادة منها، ولكن في المقابل سيكون عليهم أيضاً أن يحققوا الأهداف التي حددناها".
وتقدر تقارير صادرة عن الأمم المتحدة عن الحاجة إلى 400 مليار دولار لإعادة إعمار سوريا، مما يتطلب مشاركة دولية والسماح بتدفق آليات بناء ضخمة، والمواد الأولية ومستلزمات الطاقة والمعدات التي تعد محظورة بالنسبة إلى سوريا، مع العلم أن العقوبات الأميركية والغربية شددت على المتعاملين مع النظام السوري السابق، سواء كانوا دولاً أو شركات أو أفراداً، أنه يمكن لذلك النشاط أن يعرضهم للعقوبة. وسيفيد تجميد العقوبات قطاع الطاقة المتضرر بصورة غير مسبوقة وهو في حاجة إلى تأهيل وبناء منظومات عمل جديدة لا سيما محطات الكهرباء والمنشآت البترولية.